للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبالإسنادِ عن نُعَيم بن حمّادٍ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بن إدريسَ وجريرُ بن عبدِ الحميدِ، عن لَيْثِ بن أبي سُلَيم، عن مُجاهِدٍ: أنَّ رجُلًا سألَ ابنَ عبّاسٍ شهرًا، كلَّ يوم يَسْألُهُ: ما تقولُ في رجُلٍ يَصُومُ بالنَّهارِ، ويقومُ اللَّيل، ولا يحضُرُ صلاةَ الجُمُعةِ، ولا جماعةً؟ فكلُّ ذلك يقولُ لهُ ابنُ عبّاس: صاحِبُك في النّارِ (١).

قال أبو عُمر: قد يجُوزُ أن يكونَ ابنُ عبّاسٍ علِمَ منهُ مع ذلك ما أوجَبَ أن يقولَ لهُ: صاحِبُك في النّارِ.

ورُوي عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بإسنادٍ فيه لينٌ، أنَّهُ قال: "من تركَ الجُمُعةَ ثلاثًا من غَيْرِ عُذرٍ، كُتِب مُنافِقًا" (٢).

ورُوي عنهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّهُ قال: "الجُمُعةُ واجِبةٌ، إلّا على امرأةٍ، أو صبيٍّ، أو مملُوكٍ، أو مريضٍ، أو مُسافِرٍ" (٣).

وأمّا قولُهُ في الحديثِ: "مِن غيرِ عُذرٍ". فالعُذرُ يتَّسِعُ القولُ فيه، وجُملتُهُ: كلُّ مانِع حائلٍ بينهُ وبين الجُمُعةِ، مِمّا يُتأذَّى به، أو يخافُ عُدوانُهُ، أو يُبطِلُ بذلك فرضًا لا بدلَ منهُ.

فمِن ذلك: السُّلطانُ الجائرُ يظلِمُ، والمطرُ الوابِلُ المُتَّصِلُ، والمرضُ الحابِسُ، وما كان مِثل ذلك.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٥٥٨٣) من طريق ليث، به مختصرًا، وإسناده ضعيف لضعف نعيم بن حماد وليث بن أبي سليم.
(٢) أخرجه الشافعي في مسنده، ص ٧٠، والبيهقي في معرفة السنن والآثار (١٨٠٩) من حديث ابن عباس.
(٣) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٢/ ٣٣٧، والطبراني في الكبير ٢/ ٥١ (١٢٥٧)، والعقيلي في الضعفاء ٢/ ٣٤٤ (بتحقيقنا)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ١٨٣، وفي فضائل الأوقات، له (٢٦٦)، وقال العقيلي في ترجمة ضرار بن عمرو: "لا يتابع عليه". من حديث تميم الداري.

<<  <  ج: ص:  >  >>