للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومِن العُذرِ أيضًا: أن تكونَ عِندهُ جِنازةٌ لا يقومُ بها غيرُهُ، وإن تَرَكها ضاعَتْ وفسدَتْ.

وقد رَوَينا هذا في الجِنازةِ، عن يحيى بن سعيدٍ الأنصاريِّ، ويحيى بن أبي كثيرٍ، والأوزاعيِّ، واللَّيثِ بن سعدٍ.

وعن عَطاءِ بن أبي رباح: أنَّهُ سُئلَ عن رجُلٍ كان مع الإمام، وهُو يخطُبُ في الجُمُعةِ، فبَلَغهُ أنَّ أباهُ أخذَهُ الموتُ، فرخَّصَ لهُ أن يذهبَ إليهِ، ويترُكَ الإمام في الخُطبةِ (١).

قال أبو عُمر: هذا عِندي على أنَّهُ لم يكُن لأبيه أحَدٌ غيرُهُ يقومُ لمن حَضَرهُ الموتُ، بما يحتاجُ الميِّتُ إليه من حُضُورِهِ، للتَّغميضِ والتَّلقينِ، وسائرِ ما يحتاجُ إليه؛ لأنَّ تركهُ في مِثلِ تلك الحالِ عُقُوق، والعُقُوقُ من الكبائرِ، وقد تنُوبُ لهُ عنِ الجُمُعةِ الظُّهرُ.

ولم يأتِ الوَعيدُ في تركِ الجُمُعةِ إلّا من غَيرِ عُذرٍ ثلاثًا، فكيفَ بواحِدةٍ من عُذرٍ بيِّنٍ؟ فقَولُ عطاءٍ صحيحٌ، واللَّه أعلمُ.

وقد ورَدَت في فرْضِ الجُمُعةِ آثارٌ قد ذكَرْتُها في غيرِ هذا الوضِع، وأصحُّ ما في ذلك ما ذكرتُهُ في هذا البابِ، وقد ذكَرْنا على من تجِبُ الجُمُعةُ من أهلِ المِصرِ وغيرِهِم، في بابِ ابنِ شِهاب، والحمدُ للَّه.


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٥٤٩٣)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٥٥٧٠) وفيهما على ولد بدلًا من أب.

<<  <  ج: ص:  >  >>