للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكٌ (١)، عن صَدَقةَ بن يَسارٍ، عنِ المُغيرة بن حَكِيم، أَنَّهُ رأى عبدَ اللَّه بن عُمرَ يَرْجعُ في السَّجدتينِ في الصَّلاةِ على صُدُورِ قدمَيهِ، فلمّا انصرَفَ ذكَرَ لهُ ذلك، فقال: إنَّها لَيْسَتْ سُنّةَ الصَّلاةِ، وإنَّما أفعلُ ذلك من أجلِ أنِّي أشْتَكِي (٢).

المُغيرةُ بن حَكيم هذا أحدُ الفُضَلاءِ الجِلّةِ، كان عُمرُ بن عبدِ العزيزِ يُفضِّلُهُ، وقد عمِلَ لعُمرَ بن عبدِ العزيزِ أيامَ خِلافتِهِ، وهُو الذي قال فيه عُمرُ بن عبدِ العزيزِ لنافع مولى ابنِ عُمرَ، إذ أخرَجَهُ ساعيًا: أطع (٣) المُغيرةَ بن حَكيم.

وقَرأتُ على عبدِ الوارثِ بن سُفيانَ، أنَّ قاسمَ بن أصبَغَ حَدَّثهُم، قال: حدَّثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا محمدُ بن عَمرٍو الغَزِّيُّ (٤)، قال: حدَّثنا مُصعبُ بن ماهانٍ (٥)، قال: حدَّثنا سُفيانُ الثَّوريُّ، عن عُبيدِ اللَّه بن عُمرَ، عن نافع، قال: بعَثَني عُمرُ بن عبدِ العزيزِ إلى اليمنِ، فأرَدْتُ أن آخُذَ من العَسَلِ الصَّدقةَ، فقال المُغيرةُ بن حَكِيم الصَّنعانيُّ: ليسَ فيه شيءٌ. فكتَبتُ إلى عُمرَ بن عبدِ العزيزِ، فقال: المُغيرةُ عَدْلٌ رِضًى، لا تأخُذ من العَسَلِ شيئًا (٦).

وفي هذا الحديثِ من الفِقهِ: أنَّ الرُّجُوعَ بينَ السَّجدتينِ في الصَّلاةِ على صُدُورِ القَدَمينِ خطأٌ ليسَ بسُنّةٍ.

وفيه: أنَّ من عَجَزَ عنِ الإتيانِ بما يجِبُ في الصَّلاةِ، لعِلّةٍ مَنَعتهُ من ذلك، أنَّ عليه أن يأتي بما يَقدِرُ، لا شيءَ عليه غير ذلك، ولا يُكلِّفُ اللَّهُ نفسًا إلّا وُسعَها،


(١) الموطأ ١/ ١٤٣ (٢٣٧).
(٢) جاءت مادة هذا الحديث في د ٤ موافقة لما في النسخ الأخرى، لذلك اعتمدناها بتمامها.
(٣) في م: "المح" بدل: "ساعيًا أطع".
(٤) في ف ٣: "الغربي" وفي م: "العزمي"، وكلاهما تحريف. وهو محمد بن عمرو بن الجراح، أبو عبد اللَّه الغزي. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٨/ ٣٣، والأنساب للسمعاني ٤/ ٢٦٣.
(٥) في م: "بن مهان". وهو مصعب بن ماهان المروزي، ثم العسقلاني. انظر: تهذيب الكمال ٢٨/ ٣٩.
(٦) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٦٩٦٥)، وابن أبي شيبة (١٠١٥١) من طريق الثوري، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>