للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرائضُ تسقُطُ لعدَم القُدر عليها، فكيفَ السُّننُ؟ والأمرُ في هذا واضِحٌ، يُغني عنِ الإكثارِ فيه.

واختلَفَ العُلماءُ في هذه المسألةِ، أعني: الانصِرافَ على صُدُورِ القَدَمينِ في الصَّلاةِ، بينَ السَّجْدَتينِ، فكَرِهَ ذلك منهُم جماعةٌ، ورأوهُ من الإقْعاء (١) المكرُوهِ، المنهيِّ عنهُ، ورخَّصَ فيه آخرُونَ، ولم يَرَوهُ من الإقعاءِ، بل جَعلُوهُ سُنّةً. ونحنُ نَذكُرُ الوَجْهينِ جميعًا، والقائلينَ بهما، ونَذكُرُ ما للعُلماءِ في تَفسيرِ الإقعاءِ هاهُنا، وباللَّه التَّوفيقُ (٢).

فأمّا مالكٌ، وأبو حَنِيفةَ، والشّافِعيُّ، وأصْحابُهُم، فإنَّهُم يَكْرهُونَ الإقْعاءَ في الصَّلاةِ. وبه قال أحمدُ بن حَنْبل، وإسحاقُ، وأبو عُبيدٍ.

وقال أبو عُبيدٍ (٣): قال أبو عُبَيدةَ: الإقعاءُ: جُلُوسُ الرَّجُلِ على أليتيهِ، ناصِبًا فخِذيهِ، مِثل إقعاءِ الكلبِ والسَّبُع. قال أبو عُبيدٍ: وأمّا تفسيرُ أصحابِ الحديثِ، فإنَّهُم يجعلُونَ الإقعاءَ، أن يجعلَ أليتيهِ على عَقِبيهِ بينَ السَّجْدتينِ.

حدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا مُضرُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بن محمدٍ الأذْرَمي (٤)، قال: حدَّثنا محمدُ بن


(١) في م: "الفعل".
(٢) انظر: الأصل لمحمد بن الحسن ١/ ٨، والمدونة ١/ ١٦٨، ومسائل أحمد وإسحاق ٢/ ٥٧٢ (٢٣٠)، والأوسط لابن المنذر ٣/ ٣٥٨، والإشراف له ٢/ ٣٥، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٠٨. وانظر فيها ما بعده.
(٣) غريب الحديث، له ١/ ٢١٠.
(٤) في ف ٣: "الأورمي" وفي م: "الأذمري". وكلاهما تحريف. وهو عبد اللَّه بن محمد بن إسحاق الجزري، أبو عبد الرحمن الأذرمي الموصلي. انظر: الأنساب للسمعاني ١/ ٥٦، وتهذيب الكمال للمزي ١٦/ ٤٢، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين ١/ ١٧٨. وفي الأنساب جعله بالألف الممدوة: الآذرمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>