للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: لا أدري كيفَ هذا الإقعاءُ، وأمّا عبدُ اللَّه بن عُمرَ، فقد صحَّ عنهُ أَنَّهُ لم يَكُن يُقْعِي إلّا من أجلِ أَنَّهُ كان يَشْتكي، على ما في حَديثِنا المذكُورِ في هذا البابِ، وقال: إنَّها ليسَت سُنّةَ الصَّلاةِ. وحَسْبُكَ بهذا، ولهذه اللَّفظةِ أدخلنا حَدِيثهُ هذا في هذا الكِتابِ، وقد جاءَ عنهُ، أَنَّهُ قال: إنَّ رِجليَّ لا تَحْمِلاني (١).

ويُمكِنُ أن يكونَ الإقْعاءُ منِ ابنِ الزُّبيرِ كان أيضًا لعُذرٍ.

وقد ذكَرَ حبيبُ بن أبي ثابتٍ: أنَّ ابنَ عُمرَ كان يُقْعِي بعدَما كبِرَ. وهذا يدُلُّ على أنَّ ذلك كان منهُ لعُذرٍ، ويُمكِنُ أن يكونَ ذلك من أجلِ أنَّ اليهُودَ كانوا قد فدَعُوا (٢) يَدَيهِ ورِجْليهِ بخيبرَ، فلم تَعُد كما كانت، واللَّه أعلمُ.

وأمّا ابنُ عبّاسٍ وأصحابُهُ، فالإقْعاءُ عندَهُم سُنّةٌ، وذلك ثابتٌ عندهم؛ أخبَرنا عبدُ اللَّه بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: حدَّثنا يحيى بن مَعينٍ، قال: حدَّثنا الحجّاجُ بن محمدٍ، عنِ ابنِ جُرَيج، قال: أخبَرني أبو الزُّبيرِ، أنَّهُ سمِعَ طاوُوسًا يقولُ: قُلنا لابنِ عبّاس: الإقْعاءُ على القَدَمينِ في السُّجُودِ؟ قال: هي السُّنّةُ، قال: قُلنا: إنّا لنَراهُ جَفاءً بالرَّجُلِ. فقال ابنُ عبّاس: هُو سُنّةُ نبيِّكَ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).

وذكرهُ عبدُ الرَّزّاقِ (٤)، قال: أخبَرنا ابنُ جُرَيج، قال: أخبَرني أبو الزُّبيرِ، أنَّهُ سمِعَ طاوُوسًا، يقولُ: قلتُ لابنِ عبّاسٍ في الإقْعاءِ، فذكَرَهُ إلى آخِرِهِ سَواءً.


(١) أخرجه في الموطأ ١/ ١٤٣ (٢٣٨).
(٢) الفَدَعُ: عوج وميل في المفاصل كلها، كأن المفاصل قد زالت عن مواضعها، لا يُستطاع بسطها معه، وأكثر ما يكون في الرسغ من اليد والقدم. انظر: لسان العرب ٨/ ٢٤٦.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ٥/ ٤٩ (٢٨٥٣)، ومسلم (٥٣٦)، وأبو داود (٨٤٥)، والترمذي (٢٨٣)، والبزار في مسنده ١١/ ١١٩ (٤٨٤١)، وابن خزيمة (٦٨٠)، وأبو عوانة (١٨٩٢)، والطبراني في الكبير ١١/ ٤٧ (١٠٩٩٨)، والحاكم في المستدرك ١/ ٢٧٢، والبيهقي في الكبرى ٢/ ١١٩، من طريق ابن جريج، به. وانظر: المسند الجامع ٨/ ٤٣٣ (٦٠٣٢).
(٤) في المصنَّف (٣٠٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>