للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الانْصِرافُ على العَقِبينِ وصُدُورِ القَدَمينِ بين السَّجدتينِ. وهذا هُو الذي يَسْتَحْسِنُهُ ابنُ عبّاسٍ، ويقولُ: إنَّهُ سُنّةٌ، فصارَ ابنُ عُمر مُخالِفًا لابنِ عبّاسٍ في ذلك.

وأمّا النَّظرُ في هذا البابِ، فيُوجِبُ ألّا تَفْسُدَ صَلاةُ من فعلَ ذلك؛ لأنَّ إفْسادَها يُوجِبُ إعادَتها، وإيجابُ إعادَتِها إيجابُ فرْضٍ، والفُرُوضُ (١) لا تَثْبُت إلّا بما لا مُعارِضَ لهُ، من أصْلٍ أو نَظيرِ أصْلٍ.

ومِن جِهةِ النَّظرِ أيضًا، قولُ ابنِ عبّاس: إنَّ كذا وكذا سُنّةٌ: إثباتٌ، وقولُ ابنِ عُمر: ليس بسُنّةٍ: نفيٌ، وقولُ المُثبِتِ في هذا البابِ، وما كان مِثلهُ، أولى من النّافي؛ لأنَّهُ قد علِمَ ما جَهِلهُ النّافي.

وعلى أنَّ الإقْعاءَ قد فسَّرهُ أهلُ اللُّغةِ، على غيرِ المعنى (٢) الذي تنازَعَ فيه هؤُلاءُ، وهذا كلُّهُ يَشْهدُ لقولِ ابنِ عبّاسٍ.

وقد مَضَى القولُ في نوع من أنواع الجُلُوسِ في الصَّلاةِ، في بابِ مُسلِم بن أبي مريم، وسيأتي تمامُ القولِ في كيفيّةِ الجُلُوسِ في الصَّلاةِ، وبينَ السَّجدتينِ، وما للعُلماءِ في ذلك، في بابِ عبدِ الرَّحمنِ بن القاسم، من كِتابِنا هذا، إن شاءَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ.


(١) في ف ٣، د ٤: "الفرائض".
(٢) في د ٤: "على هذا المعنى".

<<  <  ج: ص:  >  >>