للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الأسودُ بن يَعفُرِ النَّهشليُّ (١):

بيضٌ مَساميحُ (٢) في الشِّتاءِ وإن ... أخلَفَ نجمٌ عن نوئهِ وُبِلُوا

وقال الراجِزُ:

بشِّر بني عِجْلٍ بنَوءِ العَقْربِ ... إذ أخْلَفَتْ أنواءُ كلِّ كَوْكبِ

يُريدُ (٣) أنَّ أنواءَ النُّجُوم أخلَفَتْ كلُّها فلم تمُطِر، فأتاهُمُ المطرُ في آخِرِ الرَّبيع بنوءِ العَقْربِ، وهُو عندَهُم غيرُ محمُود، لأنَّهُ ماء دقٌّ (٤) دنيءٌ.

وقال رُؤبةُ (٥):

وجفَّ أنواءُ السَّحابِ المُرتزقْ

أي: جفَّ البَقلُ الذي كان بالأنواءِ، أقامَ ذِكرَ الأنواءِ، مقامَ ذِكرِ البَقلِ، استِغناءً بأنَّ المُرادَ معلُومٌ، وهذا نحو قولِ القائلِ الذي قدَّمنا ذِكرَ قولِهِ:

إذا نزلَ السَّماءُ بأرضِ قوم

وهُو يُريدُ الماءَ النّازِل من السَّماءِ.

وأشعارُ العربِ بذِكرِ الأنواءِ كثيرةٌ جِدًّا.

والعَربُ تعرِفُ من أمْرِ الأنواءِ، وسائرِ نُجُوم السَّماءِ، ما لا يعرِفُهُ غيرُها، لكَثْرةِ ارْتِقابِها لها، ونَظَرِها إليها، لحاجتِها إلى الغَيْثِ وفِرارِها من الجَدْبِ، فصارَتْ لذلك تَعرِفُ النُّجُوم الجَواري، والنُّجُوم الثَّوابِت، وما يَسِيرُ منها مُجتمِعًا،


(١) البيت في ملحق ديوانه، ص ٦٨ (١)، ولسان العرب ٩/ ٩٤، والمحكم ٥/ ٢٠٤.
(٢) في م: "مسامح".
(٣) في م: "يدلك".
(٤) في ف ٣: "ماء دبي" وفي م: "ودق".
(٥) ديوانه، ص ١٠٥. وفيه: "الربيع" بدل: "السحاب".

<<  <  ج: ص:  >  >>