للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما يسيرُ فارِدًا، وما يكونُ منها راجِعًا، ومُسْتقيمًا، لأنَّ من كان في الصَّحاري والصَّحاصِح (١) الأماليس (٢) حيثُ لا أمارةَ ولا هادي، طَلَبَ الآثار (٣) في الرَّملِ والأرضِ، وعرفَ الأنواءَ، ونُجُوم الاهتِداءِ.

وسُئلَتْ أعرابيّةٌ، فقيل لها: أتَعرِفينَ النُّجُومَ؟ فقالت: سُبحانَ اللَّه، أما أعرِفُ أشباحًا وُقُوفًا عليَّ في كلِّ ليلةٍ؟

وسمِعَ بعضُ أهلِ الحَضَرِ أعرابيًّا، وهُو يتفنَّنُ في وَصْفِ نُجُوم ساعاتِ اللَّيلِ، ونُجُوم الأنواءِ، فقال لمن حَضَرهُ: أما تَرى هذا الأعرابيَّ يعرِفُ من النُّجُوم ما لا نعرفُ؟ فقال: ويلُ أُمِّكَ، من لا يَعرِفُ أجذاعَ (٤) بَيْتِهِ؟

ومِن هذا الباب قولُ ابنِ عبّاسٍ في المرأةِ التي جَعلَ زَوْجُها أمرَها بيَدِها، فطلَّقت نَفسَها: خطَّأَ اللَّهُ نَوْءَها (٥). أي: أخْلَى اللَّهُ نوءَها من المَطَرِ. والمعنى: حَرَمها اللَّهُ الخَيرَ، كما حرَمَ من لم يُمطَر وقتَ المطرِ.

وقال ابنُ عبّاسٍ في قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (٨٢)} [الواقعة: ٨٢] هُو الاستِمطارُ بالأنواءِ (٦).

حدَّثنا إبراهيمُ بن شاكِرٍ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بن محمدِ بن عُثمان، قال: حدَّثنا سَعيدُ بن خُمَيرٍ وسعيدُ بن عُثمانَ، قالا: حدَّثنا أحمدُ بن عبدِ اللَّه بن صالح،


(١) في ف ٣: "الصحاح". والصحاصح، جمع الصحصح: وهو الأرض الجرداء المستوية. انظر: لسان العرب ٢/ ٥٠٨.
(٢) في م: "الملساء".
(٣) في م: "المنائر".
(٤) في م: "أجداع". والجذع: هو ساق النخلة ونحوها، جمعه أجذاع، وجذوع. انظر: المعجم الوسيط، ص ١١٣.
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١١٩١٤، ١١٩١٨، ١١٩٢٠)، وسعيد بن منصور (١٦٤١، ١٦٤٢)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٣٤٩.
(٦) ذكره السيوطي في الدر المنثور ١٤/ ٢٢٩، وعزاه إلى عبد بن حميد.

<<  <  ج: ص:  >  >>