للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الواجِبَ لا يجُوزُ خِلافُهُ، ولا الزِّيادةُ عليه، ألا تَرى أنَّ المُصلِّيَ في الحَضرِ لا يجُوزُ لهُ أن يُصلِّيَ الظُّهرَ سِتًّا، ولا العَصرَ، ولا العِشاءَ، ولا يجُوزُ لهُ أن يُصلِّيَ المغرِبَ أربعًا، ولا الصُّبحَ أربعًا؟ لأنَّهُ لو فعلَ ذلك كان زائدًا في فرضِهِ، عامِدًا لما يُفسِدُهُ.

وهذا كلُّهُ إجماعٌ لا خِلافَ فيه للحَضَريِّ، أنَّهُ لا يجُوزُ لهُ ذلك.

قالوا: فكذلك المُسافِرُ، لا يجُوزُ لهُ أن يُصلِّيَ في السَّفرِ أربعًا؛ لأنَّ فرضَهُ في السَّفرِ ركعتانِ، على ما ذكَرَتْ عائشةُ.

ومِمَّن ذهَبَ إلى هذا: عُمرُ بن عبدِ العزيزِ، إن صحَّ عنهُ، وحمّادُ بن أبي سُليمانَ (١). وهُو قولُ أبي حَنِيفةَ وأصحابِهِ، وقولُ بعضِ أصحابِ مالكٍ.

وقد رُوي عن مالكٍ أيضًا، وهُو المشهُورُ عنهُ، أنَّهُ قال: مَن أتمَّ في السَّفرِ، أعادَ في الوَقتِ (٢).

ومِن حُجّةِ من ذهَبَ إلى إيجابِ القَصْرِ فرضًا في السَّفر: حديثُ عُمرَ بن الخطّابِ قال: صَلاةُ السَّفرِ رَكْعتانِ، تمامٌ غيرُ قصرٍ، على لسانِ نبيِّكُم -صلى اللَّه عليه وسلم-.

وهُو حديثٌ رواهُ عبدُ الرَّحمنِ بن أبي ليلى، عن عُمرَ، وقال ابنُ مَعينٍ وعليُّ ابنُ المدينيِّ: لم يَسْمَعْهُ من عُمرَ، ورِجالُهُ ثِقاتٌ.

حدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن زُهَيرٍ، قال: حدَّثنا أبو نُعيم، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن زُبَيدٍ (٣)، عن


(١) انظر: الأوسط لابن المنذر ٤/ ٣٨٤.
(٢) انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني ٧/ ١٣٣.
(٣) في م: "زبير"، محرف. وهو زبيد بن الحارث بن عبد الكريم بن عمرو بن كعب اليامي، أبو عبد الرحمن، الكوفي. انظر: تهذيب الكمال ٩/ ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>