للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَوْمُ (١) على مَراتِبِهم، ومَن تقَدَّمَ إلى موضِع فهو أحقُّ به، إلَّا أنْ يكونَ ما ذكَرنا، مِن قُرْبِ أُولي الفَهْم مِن الشيخ فيُفْسَحَ له، ولا يَنبَغِي له أن يتَبطَّأَ ثم يتَخَطَّى إلى الشَّيْخ ليُرِيَ الناسَ موضِعَه منه، فهذا مذمومٌ، ويجبُ لكلِّ مَن عَلِم موضِعَه أن يتقَدَّمَ إليه بالتَّبكِيرِ، والبُكُورُ إلى مَجْلِسِ العالِم كالبُكُورِ إلى الجُمُعَةِ في الفضلِ إن شاءَ اللَّه.

وقد أتَينا مِن القولِ في أدَبِ العالِم والمتَعَلِّم بما فيه كفايَةٌ وشفَاءٌ، في كتابنا كتابِ "بيانِ العلمِ" (٢).

وأمَّا قولُه -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الحديثِ: "أوَى إلى اللَّه"، يَعْني: فعَل ما يرضَاهُ اللَّهُ، فحصلَ له الثوابُ مِن اللَّه، ومثلُ ذلك قولُه عليه السَّلام: "الدُّنيا ملْعونَةٌ، ملْعونٌ ما فيهَا، إلَّا ما أوَى إلى اللَّه" (٣)، يعْني: ما كان للَّه ورَضِيَه، واللَّهُ أعلمُ.


(١) بعد هذا في ف ١: "بعضهم إلى بعض"، ولم ترد في الأصل ولا في ق.
(٢) جامع بيان العلم وفضله ١/ ٥٠١ - ٥٢٩.
(٣) يروى بهذا اللفظ من حديث أبي الدرداء رضي اللَّه عنه موقوفًا، أخرجه ابن المبارك في الزهد (٥٤٣)، وابن أبي الدُّنيا في الزهد (٢٤٣)، وفي ذمّ الدنيا (١٨٥)، وابن الأعرابيّ في الزهد وصفة الزاهدين (٦٨)، والمصنّف في جامع بيان العلم وفضله (١٣٤) من طرق عن ثور بين يزيد الحمصي، عن خالد بن معدان الكلاعي الحمصي، عنه وإسناده ضعيف لأنه منقطع، خالد بن معدان لم يسمع من أبي الدرداء فيما ذكر أحمد بن حنبل كما في المراسيل لابن أبي حاتم ص ٥٢ (١٨٢).
ويروى مرفوعًا بلفظ: "الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها إلا ذِكر اللَّه، وما ولاه وعالمٌ أو متعلّم" أخرجه الترمذي (٢٣٢٢)، وابن ماجة (٤١١٢) من طريقين عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن عطاء بن قُرّة السّلولي، عن عبد اللَّه بن ضمرة السلولي، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان صدوق حسن الحديث، وكذا عطاء وعبد اللَّه السلوليِّين فهما صدوقان حسنا الحديث. وبسبب علة الوقف قال الترمذي: حسنٌ غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>