وليسَ لهذا الحديثِ غيرُ هذا الإسنادِ، ومن أهلِ الحديثِ من يُعلِّلُهُ ويُضعِّفُهُ، ومنهُم من يُصحِّحُ إسنادَ يزيدَ بن أبي الجَعدِ هذا فيه. قال عليُّ ابنُ المدينيِّ: هُو أسنَدُها، وأحسَنُها، وأصحُّها.
واحتجُّوا أيضًا بما حدَّثناهُ عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا بكرُ بن حمّادٍ، قال: حدَّثنا مُسَدَّدٌ. وحدَّثنا عبدُ الوارثِ أيضًا، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن شاذانَ، قال: حدَّثنا موسى بن داودَ، قالا: حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن بُكَيرِ بن الأخنسِ، عن مُجاهِدٍ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، قال: فرضَ اللَّهُ الصَّلاةَ على لسانِ نبيِّكُم -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحَضَرِ أربعًا، وفي السَّفرِ رَكْعتينِ، وفي الخَوفِ رَكْعةً (١).
وهذا أيضًا حديثٌ انفردَ به بُكَيرُ بن الأخْنَسِ، وليسَ بحُجّةٍ فيما انفرَدَ به.
واحتجُّوا أيضًا بأنْ قالوا: وأمّا قولُ اللَّه عَزَّ وجلَّ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[النساء: ١٠١] فغيرُ جائزٍ لمن جَعلَ الطَّوافَ بينَ الصَّفا والمروةِ من أرْكانِ الحجِّ، مع قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}[البقرة: ١٥٨] أن يحتجَّ بهذه الآيةِ، في إباحةِ القَصْرِ في السَّفرِ، وقالوا: إنَّما نزلَتْ على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعُسْفانَ بينَ الظُّهرِ والعَصْرْ، في صَلاةِ الخوفِ.
(١) أخرجه أبو داود (١٢٤٧) عن مسدد، به. وأخرجه أحمد في مسنده ٤/ ٢٨ (٢١٢٤)، والبخاري في جزء القراءة خلف الإمام (٢٢٦)، ومسلم (٦٨٧) (٥)، وابن ماجة (١٠٦٨)، والنسائي في المجتبى ١/ ٢٢٦، و ٣/ ١٦٨، وفي الكبرى ١/ ٢٠١، و ٢/ ٣٦٦ (٣١٤، ١٩٣٣)، وأبو يعلى (٢٣٤٦)، وابن خزيمة (٣٠٤، ٩٤٣، ١٣٤٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤٠٩، وابن حبان ٧/ ١١٩ (٢٨٦٨)، والطبراني في الكبير ١١/ ٥٩ (١١٠٤١)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ١٣٥، من طريق أبي عوانة، به. وانظر: المسند الجامع ٨/ ٤٥٢ - ٤٥٣ (٦٠٥٩).