للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكرُوا في ذلك حَدِيثًا رواهُ مُجاهِدٌ، عن أبي عيّاشٍ الزُّرَقيِّ، عنِ النَّبيِّ عليه السَّلامُ (١).

وقالوا: ذلك يدُلُّ على أنَّ القصرَ إنَّما هُو قَصْرُ المأمُوم خلَفَ إمامِهِ، يُصلِّي معَهُ بعضَها بشرطِ الخَوْفِ، ولا يُتِمُّها معهُ، وإذا كان ذلك كذلك، كان حديثُ عائشةَ في معنًى غيرِ معنَى الآيةِ، قد أفادَ حُكمًا زائدًا.

واحتَجُّوا أيضًا بأنَّ جابرًا وابنَ عُمرَ، قالا: ليسَ الرَّكْعتانِ (٢) في السَّفرِ بقَصْرٍ. وأنَّ ابن عبّاسٍ قال: من صلَّى في السَّفرِ أربَعًا، كمَنْ صلَّى في الحَضَرِ رَكْعتينِ (٣).

فهذه جُملةُ ما نَزَعَ به الذينَ ذَهَبُوا إلى أنَّ القصرَ في السَّفرِ فرْضٌ، على ظاهِرِ حديثِ عائشةَ.

وقال آخرُونَ: القَصْرُ في السَّفرِ سُنّةٌ مَسْنُونةٌ، ورُخْصةٌ وتَوْسِعةٌ، فمن شاءَ قصَرَ في السَّفرِ، ومن شاءَ أتمَّ، كما أنَّ المُسافِر مُخيَّرٌ، إن شاءَ صامَ، وإن شاءَ أفطَرَ.


(١) أخرجه الطيالسي (١٤٤٤)، وعبد الرزاق في المصنَّف (٤٢٣٧)، وأحمد في مسنده ٢٧/ ١٢٠ (١٦٥٨٠)، وأبو داود (١٢٣٦)، والنسائي في المجتبى ٣/ ١٧٧، وفي الكبرى ٢/ ٣٧٤ (١٩٥١)، وابن الجارود (٢٣٢)، وابن حبان (٢٨٧٦)، والطبراني في الكبير ٥/ ٢١٣ - ٢١٤ (٥١٣٢ - ٥١٣٣)، والدارقطني في سننه ٢/ ٤٠٨ - ٤٠٩ (١٧٧٧)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٢٥٤، من طريق مجاهد، به. وانظر: المسند الجامع ٥/ ٥٩٦ - ٥٩٧ (٣٩٤٩).
قال الترمذي: سألت محمدًا (يعني البخاري) قلت: أيّ الروايات في صلاة الخوف أصحّ؟ فقال: كلّ الروايات عندي صحيحة، وكل يستعمل، وإنما هو على قدر الخوف، إلا حديث مجاهد، عن أبي عياش الزرقي فإني أراه مرسلًا. علل الترمذي الكبير (١٦٥). وهذا المرسل أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٤٢٣٥)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (٨٣٦٣)، والطبري في التفسير ٧/ ٤٣٩، ومع ذلك صحّحه محقّقو مسند أحمد.
(٢) في الأصل، ف ٣، م: "الركعتين".
(٣) أخرجه ابن المنذر في الأوسط (٢٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>