للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (١) [البقرة: ١٤٢]، وقال: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: ١٤٣] قال ابنُ عبّاس: ليَمِيزَ أهلَ اليَقينِ من أهلِ الشَّكِّ (٢).

وأجمعَ العُلماءُ أنَّ القِبلةَ التي أمرَ اللَّهُ نبيَّهُ وعِبادَهُ بالتَّوجُّهِ نحوها في صَلاتِهِم، هي الكعبةُ، البيتُ الحرامُ بمكّةَ، وأنَّهُ فرضٌ على كلِّ من شاهَدَها وعايَنَها اسْتِقبالُها وأنَّهُ إن تركَ اسْتِقبالَها (٣)، وهُو مُعايِنٌ لها، أو عالِمٌ بجِهَتِها، فلا صلاةَ لهُ، وعليه إعادةُ كلِّ ما صلَّى كذلك.

وأجمعُوا على (٤) أنَّهُ من صلَّى إلى غيرِ القِبلةِ من غيرِ اجتِهادٍ حَملهُ على ذلك، أنَّ صَلاتهُ غيرُ مُجزِئةٍ عنهُ، وعليه إعادتُها إلى القِبلةِ، كما لو صلَّى بغيرِ طَهارةٍ.

وفي هذا المعنى حُكمُ من صلَّى في مَسْجِدٍ يُمكِنُهُ طلبُ القِبْلةِ فيه بالمِحرابِ وشِبههِ، فلم يَفْعل، وصلَّى إلى غَيرِها.

وأجمعُوا على أنَّ على كلِّ من غابَ عنها، أن يَسْتقبِلَ ناحيتَها وشَطْرَها وتلْقاءَها، وعلى أنَّ على من خَفِيت عليه ناحيتُها، الاسْتِدلالُ عليها بكلِّ ما يُمكِنُهُ من النُّجُوم، والجبالِ، والرِّياح، وغيرِ ذلك، مِمّا يُمكِنُ أن يُستَدلَّ به على ناحيتِها.

وفي حديثِ هذا الباب دَليلٌ على أنَّ من صلَّى إلى القِبْلةِ عندَ نفسِهِ باجتِهادِهِ، ثُمَّ بانَ لهُ، وهُو في الصَّلاةِ أنَّهُ اسْتَدبرَ القِبلةَ، أو شَّرقَ، أو غرَّبَ، أنَّهُ يَنْحرِفُ ويَبْني.


(١) في الأصل، ي ١، م: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥] بدل: {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}، وهذه آية أخرى، والاستدلال بما في المتن.
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره ٣/ ١٦٠ (٢٢٠٨)، وابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٤٨، ٢٥٣ (١٣٢٩، ١٣٥٥)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ، ص ٧١، والبيهقي في الكبرى ٢/ ١٢ من طريق عبد اللَّه بن صالح، به.
(٣) قوله: "وأنه إن ترك استقبالها" سقط من الأصل، قفز نظر.
(٤) حرف الجر "على" لم يرد في ي ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>