للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى الوليدُ بنُ مُسلم قال: أخبَرني سعيدٌ (١)، عن قتادةَ، عن ابنِ المسيِّبِ والحسنِ، أنَّهما كَرِها الوُضوءَ بفَضلِ الهِرِّ (٢). قال الوليدُ: فذكَرتُ ذلك لأبي عمرٍو الأوزاعيِّ ومالكِ بنِ أنسٍ، فقالا: تَوَضَّأْ به، فلا بأسَ به وإنْ وجَدتَ غيرَه (٣).

قال أبو عُمر: الحُجَّةُ عندَ التَّنازُع والاختلافِ سُنَّةُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد صحَّ عنه مِن حديثِ أبي قتَادَةَ في هذا البابِ ما ذكَرنا. وعليه اعتِمادُ الفقهاءِ في كُلِّ مصرٍ، إلَّا أبا حنيفَةَ ومَن قال بقَولِه.

قال أبو عبدِ اللَّه محمدُ بنُ نصرٍ المَروَزيُّ: الذي صارَ إليه جُلُّ أهلِ الفتوَى مِن عُلماءِ الأمصارِ مِن أهلِ الأثَرِ والرَّأي جميعًا: إنَه لا بأسَ بسُؤرِ السِّنَّورِ اتِّباعًا للحديثِ الذي رَوَيْنا. يعني: عن أبي قتادةَ، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قال: ومِمَّن ذهَب إلى ذلك؛ مالكُ بنُ أنسٍ وأهلُ المدينة، واللَّيثُ بنُ سعدٍ فيمَن وافَقَه مِن أهلِ مصرَ والمغرِبِ، والأوزاعيُّ في أهلِ الشام، وسُفيانُ الثَّوريُّ فيمَن وافقَه مِن أهلِ العِراق.

قال: وكذلك قولُ الشافعيِّ وأصحابِه، وأحمدَ بنِ حَنبَلٍ، وإسحاقَ، وأبي ثَورٍ، وأبي عُبيدٍ، وجماعةِ أصحابِ الحديث. قال: وكان النُّعمانُ يَكرَهُ سُؤرَه، وقال: إن توَضَّأَ به أجزأَه. وخالَفه أصحابُه فقالوا: لا بأسَ به.

قال أبو عُمر: ما حكاه المَروَزيُّ عن أصحابِ أبي حنيفةَ فليسَ كما حكاه عندَنا، وإنَّما خالَفَه مِن أصحابِه أبو يوسفَ وحدَه، وأمَّا محمدٌ وزُفَرُ والحسنُ بنُ


(١) هو ابن أبي عروبة.
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٢٠ (٥٩)، وفي شرح مشكل الآثار ٧/ ٧٧ من طريق قتادة بن دعامة، به.
(٣) كتب ناسخ الأصل: "بلغت المقابلة بحمد اللَّه وحسن عونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>