للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيادٍ (١) فيقولونَ بقولِه، وأكثرُهم يَروُونَ عنه أنه لا يُجزئُ الوضوءُ بفضلِ الهِرِّ، ويَحتجُّونَ لذلك، ويروُونَ عن أبي هريرةَ وابنِ عمرَ أنَّهما كَرِها الوضُوءَ بسُؤرِ الهِرِّ (٢). وهو قولُ ابنِ أبي ليلَى.

وأمَّا الثَورِيُّ، فقد اختُلِفَ عنه في سُؤرِ الهِرِّ، فذَكَر في "جامِعِه" أنَّه يَكرَهُ سُؤرَ ما لا يُؤكَلُ لحمُه، وما يُؤكلُ لحمُه فلا بأسَ بسُؤرِه. وهو ممن يَكرهُ أكلَ الهِرِّ.

وذكَر المَروَزِيُّ قال: حدَّثنا عمرُو بنُ زُرارَةَ، قال: حدَّثنا أبو النَّضرِ، قال: حدَّثني الأشجَعيُّ، عن سُفيانَ، قال: لا بأسَ بفضلِ السِّنَّور.

قال أبو عُمر: لا أعلَمُ لمن كَرِهَ سُؤرَ الهِرِّ حُجَّةً أحسَنَ مِن أنَّه لم يَبلُغْه حديثُ أبي قتادةَ، وبلَغَه حَدِيثُ أبي هريرةَ في الكلبِ، فقاسَ الهِرَّ على الكَلبِ، وقد فَرَّقتِ السُّنَّةُ بينَ الهِرِّ والكَلب في بابِ التَّعبُّدِ، وجمَعَتْ بينَهما على حسَبِ ما قدَّمنَا ذِكْرَه مِن بابِ الاعتبارِ والنَّظرِ، ومَن حَجَّتْهُ السُّنَّةُ خَصَمَتْه، وما خالَفها مَطروحٌ، وباللَّه التوفِيق.

ومن حُجَّتِهم أيضًا ما رَوَاه قُرَّةُ بنُ خالدٍ، عن محمدِ بنِ سيرينَ، عن أبي هُريرَةَ، عنِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "طُهُورُ الإناءِ إذا وَلَغَ فيهِ الهِرُّ أنْ يُغسَلَ مرَّةً أو مرَّتَينِ" (٣).


(١) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١١٩، ومختصر خلافيات البيهقي ١/ ٣٨٣.
(٢) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ١/ ٩٨ (٣٤٠) و (٣٤١) و ١/ ٩٩ (٣٤٤)، والطهور لأبي عُبيد (٢١٦) و (٢١٧)، والأوسط لابن المنذر ١/ ٤١١ (٢١٥) و ١/ ٤١٢ (٢١٧) و (٢١٨)، وشرح معاني الآثار ١/ ٢٠ (٥٢) و (٥٤) و (٥٥) و (٥٦) و (٥٧)، وسنن الدارقطني ١/ ١١١ (١٩٩) و (٢٠٠) و (٢٠١) و (٢٩٢) و ١/ ١١٢ - ١١٤ (٢٠٥ - ٢١١)، والسنن الكبرى للبيهقي ١/ ٢٤٨.
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٩ (٥١)، وفي شرح مشكل الآثار ٧/ ٦٧ (٢٦٤٨) و (٢٦٤٩)، وابن المقرئ في معجمه (٣٤)، والدارقطني في سننه ١/ ١٠٥ (١٨٦) و ١/ ١١٢ (٢٠٥)، وتمّام في فوائده (١٣٦٦) و (١٣٦٧)، والحاكم في المستدرك ١/ ١٦٠، والبيهقي في الكبرى ١/ ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>