للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أحمدُ بنُ حَنْبل وأبو ثَوْر: هكذا يَنْبَغي أن يَفْعَلَ من تَنَفّل على راحلتِهِ في السَّفَر.

واختلَفَ أهلُ العِلم في المعنى الذي فيه نزلَتْ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: ١١٥]، فقال ابنُ عُمرَ وطائفةٌ: نزلَتْ هذه الآيةُ في الصَّلاةِ على الرّاحِلةِ (١).

وقيل: نزلَتْ في قَولِ اليَهُودِ في القِبْلةِ.

وقيلَ: نزلَتْ في قَوم كانوا في سَفَرٍ على عَهدِ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في لَيْلةٍ ظَلْماءَ، فلم يَعرِفُوا القِبْلةَ، فاجتهدُوا وصَلَّوا إلى جِهاتٍ مُختلِفةٍ، ثُمَّ بانَ لهم خطؤُهُم، فسألُوا رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مضَتْ صلاتُكُم" (٢).

وقولُ من قال: إنَّها نزلَتْ في الصَّلاةِ على الرّاحِلةِ قولٌ حسنٌ أيضًا، تَعضُدُهُ السُّنّةُ في ذلك.

قال أبو عُمر: ليس في حديثِ مالكٍ هذا عن عبدِ اللَّه بن دينارٍ تخصيصُ التَّطوُّع من غير، وهُو أمرٌ لا خِلافَ فيه، فلِذلك أهملَ مالكٌ ذِكرهُ، واللَّه أعلمُ.

وكذلك رواهُ الثَّوريُّ (٣)، عن عبدِ اللَّه بن دينارٍ، كما رواهُ مالكٌ سَواءً.


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٨/ ٣٣٧ (٤٧١٤)، ومسلم (٧٠٠) (٣٣، ٣٤)، والترمذي (٢٩٥٨)، والنسائي في المجتبى ١/ ٢٤٤، وفي الكبرى ١٠/ ١٤ - ١٥ (١٠٩٣٠)، وأبو يعلى (٥٦٤٧)، وابن خزيمة (١٢٦٧)، وأبو عوانة (٢٣٦١)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٤. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٧٨ - ٧٩ (٧٢٦٤).
(٢) أخرجه الطيالسي (١٢٤١)، وعبد بن حميد (٣١٦)، وابن ماجة (١٠٢٠)، والترمذي (٣٤٥، ٢٩٥٧)، والبزار في مسنده ٩/ ٢٦٨ (٣٨١٢)، والدارقطني في سننه ٢/ ٧ (١٠٦٥)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ١١، من حديث عامر بن ربيعة. وانظر: المسند الجامع ٨/ ٨ (٥٤٨٠).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٨٥٩٥)، وأحمد في مسنده ٩/ ١٩٧ (٥١٨٩)، والطبراني في الكبير ١٢/ ٤٤٨ (١٣٦٢٧)، من طريق سفيان الثوري، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>