للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جابرٍ، قال: كان رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصلِّي على راحِلتِهِ نحوَ المَشْرِقِ، فإذا أرادَ أن يُصلِّي المَكْتُوبةَ، نزلَ فاسْتَقبلَ القِبلةَ.

وحدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا عُبيدُ بن عبدِ الواحِدِ، قال: حدَّثنا أبو صالح محبُوبُ بن مُوسى الفرّاءُ، قال: حدَّثنا أبو إسحاقَ الفَزاريُّ، عن سُفيانَ، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، قال: بَعَثني رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لحاجةٍ فجِئتُ وهُو يُصلّي على راحِلتِهِ نحوَ المشرِقِ، يُومِئُ إيماءً، السُّجُودُ أخفضُ من الرُّكُوع. قال: فسلَّمتُ، فلم يرُدَّ عليَّ، فلمّا سلَّمَ، قال: "ما مَنَعني أن أرُدَّ عليكَ، إلّا أنِّي كنتُ أُصلِّي" (١).

واختلَفَ الفُقهاءُ في المُسافِرِ سفرًا لا تُقصرُ في مِثلِهِ الصَّلاةُ: هل لهُ أن يتنفَّلَ على راحِلتِهِ ودابَّتِهِ، أم لا (٢)؟

فقال مالكٌ وأصحابُهُ، والثَّوريُّ: لا يتطوَّعُ على الرّاحِلةِ إلّا في سفرٍ تُقصَرُ في مِثلِهِ الصَّلاةُ.

وحُجَّتُهُم في ذلك، أنَّ الأسفارَ التي حُكِيَ عن رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّهُ كان يتطوَّعُ فيها على راحِلتِهِ، كانت مِمّا تُقصَرُ فيها الصلاةُ، فالواجِبُ أن لا يُصَلَّى إلى غيرِ القِبْلةِ، إلّا في الحالِ التي وردَتْ بها السُّنّةُ، لا تتعدَّى.


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٢٢/ ٤٢٠ (١٤٥٥٥)، وأبو داود (١٢٢٧)، والترمذي (٣٥١)، وأبو عوانة (١٧٢٢)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٥، من طريق سفيان الثوري، به. وأخرجه أحمد أيضًا ٢٢/ ٢٤٧، و ٢٣/ ١١، ١٠٠ (١٤٣٤٥، ١٤٦٤٢، ١٤٧٨٨)، ومسلم (٥٤٠) (٣٦، ٣٧، ٣٨)، وأبو داود (٩٢٦)، والنسائي في المجتبى ٣/ ٦، وفي الكبرى ٢/ ٣٤ (١١١٤)، وابن خزيمة (٨٨٩، ١٢٧٠)، وأبو يعلى (٢٢٣٠)، وأبو عوانة (١٧٢٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤٥٦، وابن حبان ٦/ ٢٦٣ (٢٥١٨، ٢٥١٩)، والدارقطني في سننه ٢/ ٢٤٩ (١٤٧٩)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ٢٥٨، من طرق عن أبي الزبير، به. وانظر: المسند الجامع ٣/ ٤٤٦ - ٤٤٧ (٢٢٣٠).
(٢) انظر: الأم للشافعي ١/ ١١٨، والمدونة لسحنون ١/ ١٧٤، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣١٥. وانظر فيها ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>