للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا عندَ العُلماءِ، ما لم يُرَدْ بذلك، أو بشيءٍ منهُ تِجارةٌ، فإن أُريدَ بشيءٍ من ذلك التِّجارةُ، فالزَّكاةُ واجِبةٌ فيه، عندَ أكثرِ العُلماءِ.

ومِمَّن رأى الزَّكاةَ في الخيلِ، والرَّقيقِ، وسائرِ العُرُوضِ كلِّها، إذا أُريدَ بها التِّجارةُ: عُمرُ، وابنُ عُمرَ (١). ولا مخُالِفَ لهما من الصَّحابةِ، وهُو قولُ جُمهُورِ التّابِعين بالمدينةِ، والبَصْرةِ، والكُوفةِ، وعلى ذلك فُقهاءُ الأمصارِ بالحِجازِ، والعِراقِ، والشّام، وهُو قولُ جماعةِ أهلِ الحديثِ.

وقد رُوي عنِ ابنِ عبّاسٍ، وعائشةَ: أنَّهُ لا زَكاةَ في العُرُوضِ (٢).

قال سُفيانُ: عنِ ابنِ أبي ذِئبٍ، عنِ القاسم، عن عائشةَ، قالت: ليسَ في العُرُوضِ صَدَقةٌ.

وهذا لو صحَّ، كان معناهُ عندَنا (٣): أنْ لا زكاةَ في العُرُوضِ، إذا لم يُرَدْ بها التِّجارةُ؛ لأنَّها إذا أُريدَ بها التِّجارةُ، جرَتْ مجْرَى العَينِ، لأنَّ العينَ من الذَّهبِ والوَرِقِ تحوَّلت فيها (٤) طلبًا للنَّماءِ، فقامَتْ مَقامَها (٥).

وكذلك قولُ كلِّ من رُوِيَ عنهُ من التّابِعينِ: لا زكاةَ في العُرُوضِ. على هذا مَحمِلُهُ عندَنا، وعلى ما ذكَرْناه هذا مذهبُ جُمهُورِ الفُقَهاءِ؛ لأنَّها اشتُريت بالذَّهبِ والورِقِ، لتُردَّ إلى الذَّهبِ والوَرِقِ، ولا يحصُلُ التَّصرُّفُ في العَيْنِ إلّا بذلك، فلِهذا قامَتِ العُرُوضُ مَقامَ العينِ، فإذا اشْتُريَتْ للقُنيةِ، فلا صَدَقةَ (٦) فيها.


(١) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٧١٠٣، ٧١٣٤)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (١٠٢٤٠)، والأموال لأبي عبيد (١١٨١، ١٢١٢)، والأموال لابن زجوية (١٦٨٦، ١٦٨٨، ١٦٩٠)، وسنن البيهقي الكبرى ٤/ ١٤٧.
(٢) انظر: سنن البيهقي الكبرى ٤/ ١٤٧.
(٣) عبارة ي ١: "ليس في العروض من زكاة، وهذا عندنا"، والمثبت من بقية النسخ.
(٤) في الأصل، ف ٣: "فيهما".
(٥) في ف ٣، ي ١: "مقامهما".
(٦) في ي ١: "فتلك لا صدقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>