للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد شذَّ داودُ، فلم يَرَ الزكاةَ في العروض، وإن نَوَى بها صاحِبُها التِّجارةَ، وحُجَّتُهُ الحديثُ المذكُورُ في هذا البابِ، قولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليسَ على المُسلِم في عَبدِهِ، ولا فرسِهِ صَدَقةٌ". قال: ولم يقُل: إلّا أن يَنْويَ بها التِّجارةَ.

واحتجَّ ببراءةِ الذِّمّةِ، وأنَّهُ لا يجِبُ فيها شيءٌ إلّا باتِّفاقٍ، أو دليلٍ لا مُعارِضَ لهُ.

قال: والاختِلافُ في زكاةِ العُرُوضِ موجُودٌ. فذكرَ عن عائشةَ، وابنِ عبّاسٍ، وعطاءٍ، وعَمرِو بن دينارٍ، ما ذكرنا، وذكر عن مالكٍ مذهبَهُ فيما بارَ من العُرُوضِ على التُّجّارِ وكسَدَ (١) مِمَّن ليسَ بمديرٍ، وقولُهُ في التّاجِرِ يبيعُ العَرْض بالعَرْضِ، ولا ينِضُّ لهُ شيءٌ في حَوْلِهِ. وجعلَ هذا خِلافًا، أسقَطَ به الزَّكاةَ في العُرُوضِ، واحتجَّ بقولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليسَ على المُسلِم في عَبدِهِ، ولا في فرسِهِ صَدَقةٌ".

وقال سائرُ العُلماءِ: إنَّما معنَى هذا الحديثِ فيما يُقْتَنى من العُرُوضِ، ولا يُرادُ به التِّجارةُ.

وللعُلماءِ في زَكاةِ العُرُوضِ التي تُبتاعُ للتِّجارةِ، قولانِ أيضًا، أحدُهُما: أنَّ صاحِبَها يُزكِّيها عنِ الثَّمنِ الذي اشْتَراها به. والآخرُ: أنَّها تُقَوَّمُ بالِغًا ما بلَغَتْ، نقَصَتْ أو زادَتْ.

والمديرُ وغيرُ المديرِ عندَ جُمهُورِ أهلِ العِلم سواءٌ، يُقوِّمُ عندَ رأسِ الحَوْلِ ويُزكِّي كلَّ ما (٢) نَوَى به التِّجارةَ، في كلِّ حولٍ (٣).


(١) في م: "وكعبد".
(٢) في ي ١: "كما" بدل: "كل ما".
(٣) انظر: الأصل لمحمد بن الحسن ٢/ ٩٨، والأم للشافعي ٢/ ٥٠، والمدونة لسحنون ١/ ٣١١، ومسائل أحمد وإسحاق للكوسج ٣/ ١١٢٥ (٦٣٨)، والإشراف لابن المنذر ٣/ ٨١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٣٢، والمعونة على مذهب عالم المدينة لعبد الوهاب البغدادي ١/ ٣٧٢. وانظر فيها ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>