ومِمَّن قال ذلك: الثَّوريُّ، وأبو حَنِيفةَ، والشّافِعيُّ، وأصحابُهُم، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو عُبيدٍ.
وقال مالكٌ: المديرُ يُقوِّمُ إذا نضَّ لهُ شيءٌ في العام، وغيرُ المديرِ ليسَ عليه ذلك، وإن أقامَ العرضَ للتِّجارةِ عِندهُ سِنينَ، ليس عليه فيه زكاةٌ، فإذا باعَهُ، زكّاهُ زكاةً واحِدةً، لسنةٍ واحِدةٍ. وهُو قولُ عطاءٍ.
وتحصيلُ مذهبِ الشّافِعيِّ، وأبي حنيفةَ: إذا كانتِ العُرُوضُ للتِّجارةِ، ففيها الزَّكاةُ إذا بلغت قيمتُها النِّصاب، يُقوِّمُها بالدَّنانيرِ، أو بالدَّراهِم، الأغلبِ من نَقدِ بلدِهِ، رأسَ الحَوْلِ، ويُزكِّي، وسواءٌ باعَ العُرُوضَ بالعُرُوضِ، أو باع العُرُوضَ بالعينِ، وسواءٌ نضَّ لهُ في العام شيءٌ، أو لم ينِضَّ.
وهذا كلُّهُ قولُ الأوزاعيِّ، والثَّوريِّ، والحسنِ بن حيٍّ، وسائرِ الفُقهاءِ البغداديِّين من أهلِ الحديثِ.
وقال مالكٌ: إن كان مِمَّن يبيعُ العَرْضَ بالعَرْضِ، فلا زَكاةَ فيه حتّى ينِضَّ (١) مالُهُ، وإن كان يبيعُ بالعينِ والعرضِ، فإنَّهُ يُزكِّي. قال: وإن لم يكُن مِمَّن يُديرُ التِّجاراتِ، فاشْتَرى سِلْعةً بعينِها، فبارَتْ عليه، فمضَتْ أحوالٌ، فلا زَكاةَ عليه، فإذا باعَ، زكَّى زَكاةً واحِدةً.
قال: وأمّا المديرُ الذي يكثُرُ خُرُوجُ ما ابتاعَ عنهُ، ويقِلُّ بَوارُهُ وكسادُهُ، ويبيعُ بالنَّقدِ والدَّينِ، فإنَّهُ يُقوِّمُ ما عندَهُ من السِّلع، ويُحصي ما عندَهُ من العينِ، وما لهُ من الدَّينِ في مَلأٍ وثِقةٍ، مِمّا لا يتعذَّرُ عليه أخذُهُ، ويُقوِّمُ عُرُوضَهُ، يفعلُ ذلك في كلِّ عام، إذا نضَ لهُ شيءٌ من العَينِ ليُزكِّيَها، مع ما نضَّ لهُ من العَينِ، وسَواءٌ نضَّ لهُ نِصابٌ أم لا.