للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واختلَفَ الفُقهاءُ فيمَنْ ورِثَ عُرُوضًا، أو وُهِبَتْ لهُ، فنَوَى بها التِّجارةَ (١).

فقال مالكٌ: من ورِثَ عُرُوضًا، أو وُهِبَتْ لهُ، فنوَى بها التِّجارةَ (٢) فإنَّها لا تكونُ التِّجارةُ، حتّى يبيع، ثُمَّ يستقبِل بالثَّمنِ حولًا. وقال فيمن ورِث حُليًّا ينوي به التِّجارةَ، كان للتِّجارةِ. وفرَّقَ بين الحُليِّ والعُرُوضِ.

وقال الكُوفيُّونَ: الحُليُّ وسائرُ العُرُوضِ، سواءٌ من ورِثَ منها شيئًا، فنَوَى بها التِّجارةَ، فإنَّها لا تكونُ للتِّجارةِ حتّى يبيعَها، فيكونَ ثمنُها للتِّجارةِ.

وقالوا: إذا كان عندَهُ عُرُوضٌ لغيرِ التِّجار، فنواها للتِّجارةِ، لم تَكُن للتِّجارةِ حتّى يَبِيعَها، فيكونُ البدلُ للتِّجارةِ، وإن كانت عندَهُ للتِّجارةِ، فنواها لغيرِ التِّجارةِ، صارَتْ لغيرِ التِّجارةِ.

وهُو قولُ مالكٍ، والشّافِعيِّ، والثَّوريِّ، وعامّةِ أهلِ العِلم، إلّا إسحاقَ بنَ راهُوية، فإنَّهُ جعل النِّيّةَ عامِلةً في ذلك بكلِّ وجهٍ.

قال أبو عُمر: الحُجّةُ في زكاةِ العُرُوضِ، إذا تَجَرَ بها صاحبُها، حديثُ سَمُرةَ بن جُندُبٍ، مع ما قدَّمنا ذِكرَهُ عنِ الصَّحابةِ الذينَ لا مُخالِفَ لهم منهُم، وهُو قولُ جُمهُورِ أهلِ العِلم، على ما تَقدَّم ذِكرُهُ.

أخبَرنا عبدُ اللَّه بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (٣): حدَّثنا محمدُ بن داود بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا يحيى بن حسّان، قال: حدَّثنا


(١) انظر: الأم للشافعي ٢/ ٥٠، والمدونة لسحنون ١/ ٣٢٢، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٣٣. وانظر فيها ما بعده.
(٢) من قوله: "فقال مالك" إلى هنا سقط من ي ١، م.
(٣) في سننه (١٥٦٢). ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٤/ ١٤٦. وأخرجه الطبراني في الكبير ٧/ ٣٠٤ (٧٠٢٩) من طريق جعفر بن سعد، به، وإسناده ضعيف، لجهالة خبيب بن سليمان بن سمرة بن جندب، وأبيه سليمان بن سمرة. وانظر: المسند الجامع ٧/ ١٧٩ (٤٩٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>