(١) وقال في الاستذكار ١/ ٤٣٢: "وقد تكلّم إسماعيل -يعني القاضي- في هذا الحديث، وردّه بكثير من القول في كتاب أحكام القرآن". وثابعه على هذا ابن العربيّ المالكي فقال في عارضة الأحوذي ٤/ ٩: "وحديث القُلّتين مدارُه على مطعون عليه، أو مضطرب في الرواية، أو موقوف، وحسْبُك أنّ الشافعيَّ رواه عن الوليد بن كثير، وهو إباضيُّ واختلفت رواياته، فقيل: قُلَّتين، أو ثلاثًا. . .". وقد استغرب بعض المحقِّقين في هذا الشأن تضعيف إسحاق القاضي وابن عبد البر وغيرهما لهذا الحديث، وردُّوا على ما أعلُّوا به هذا الحديث، ومن هؤلاء ابن الملقِّن شيخ الحافظ ابن حجر، قال في البدر المنير ١/ ٤١٣: "وأنا اتعجَّب من قول أبي عمر ابن عبد البر في تمهيده: ما ذهب إليه الشافعيُّ من حديث القُلَّتين، مذهبٌ ضعيفٌ من جهة النظر، غير ثابتٍ من جهة الأثر، لأنه حديث تكلّم فيه جماعة من أهل العلم، ولأن القلّتين لم يُوقف على حقيقة مبلغهما في أثرٍ ثابت، ولا إجماع" ثم ردّ ذلك بأن الحديث صحَّحه الحفّاظ كالدارقطني ومن قبله ابن معين والطحاوي وغيرهم. قلنا: وأحسن ما قيل في هذا الحديث من جهة التحقيق ما قاله الشيخ الحافظ ابن دقيق العيد في شرح الإلمام فيما نقله عنه ابن الملقَّن في البدر المنير ١/ ٤١٣ قوله: "هذا الحديث قد صحَّح بعضهم إسناد بعض طُرقه، وهو أيضًا صحيحٌ على طريقة الفقهاء، لأنه وإن كان حديثًا مضطرب الإسناد، مختلفًا في بعض ألفاظه، وهي علّةٌ عند المحدِّثين إلا أن يُجاب عنها بجوابٍ صحيح، فإنه يمكن أن يُجمع بين الروايات، ويُجاب عن بعضها بطريق أصولي، ويُنسب إلى التصحيح، ولكن تركتُه (يعني في الإلمام)، لأنه لم يثبت عندنا -الآن- بطريق استقلالٍ يجب الرُّجوع إليه شرعًا تعيينٌ لمقدار القُلّتين".