للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا حَدِيثُ وُلُوغ الكَلبِ في الإناء (١)، وحديثُ النهي عن إدخالِ اليدِ في الإناءِ قبلَ غسلِها لمَنِ انتَبَه مِن نَومِه (٢)، وحديثُ النهي عن البولِ في الماءِ الدَّائم الرَّاكدِ (٣)، فقد عارضَها ما هو أقوَى منها. والأصلُ في الماءِ الطَّهارةُ، فالواجبُ ألَّا يُقضَى بنجاستِه إلَّا بدليلٍ لا تَنازُعَ فيه ولا مَدفَعَ له، ونحنُ نذكُرُ ما نختارُه مِن المذاهبِ في الماءِ هاهُنا، ونذكُرُ معنَى حديثِ وُلُوغ الكَلبِ، وغَسلِ اليدِ في بابِ أبي الزنادِ إن شاءَ اللَّه عزَّ وجل (٤).

قال أبو عُمر: الدَّليلُ على أنَّ الماءَ لا يَفسُدُ إلَّا بما ظهرَ فيه مِن النَّجاسَةِ، أنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ سمَّاه طَهُورًا، فقال: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: ٤٨]. وفي طَهُورٍ مَعنَيان.

أحدُهما: أنْ يكونَ طهُورٌ بمَعنَى طاهرٍ، مثلَ صَبُورٍ وصابرٍ، وشكُورٍ وشاكرٍ، وما كان مثلَه.

والآخرُ: أنْ يكونَ بمَعنَى فَعُولٍ، مثلَ قتُولٍ وضَرُوبِ، فيكونَ فيه مَعنَى التَّعدِّي والتَّكثِيرِ؛ يدُلُّ على ذلك قولُه عزَّ وجلَّ: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً


(١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٧٢ (٧١) عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، وهو الحديث الخامس والعشرون لأبي الزناد، وسيأتي مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٤ (٤٠) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، وهو الحديث الثالث والعشرون لأبي الزناد، وسيأتي مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء اللَّه تعالى.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٢٣/ ٩٢ (١٤٧٧٧)، ومسلم (٢٨١)، وابن ماجة (٣٤٣)، والنسائي في المجتبى (٣٥)، وفي الكبرى ١/ ٨٥ (٣٢) من حديث أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنهما: "أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن البوْلِ في الماء الراكد".
(٤) في أثناء شرح الحديث الثالث والعشرين له إن شاء اللَّه تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>