للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو بكرٍ الأثرمُ: سُئل أبو عبدِ اللَّه، عنِ الوُضُوءِ من مَسِّ الذَّكرِ، فقال: نعَمْ، نرَى الوُضُوءَ من مسِّ الذَّكرِ. قيلَ لهُ: فمن لم يرهُ، أتُعنِّفُهُ (١)؟ قال: الوُضُوءُ أقوى. قيل لهُ: فمَنْ قال: لا وُضُوءَ. قال: الوُضُوءُ أكثرُ عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعن أصحابِهِ، والتّابِعينَ.

قال أبو عُمر: أمّا التّابِعُونَ الذين رُوي عنهُمُ الوُضُوءُ من مسِّ الذَّكرِ، من كِتابِ الأثرم، وكِتابِ ابنِ أبي شَيْبةَ، وعبدِ الرَّزّاقِ: فسعيدُ بن المُسيِّبِ، وعَطاءُ بن أبي رباح، وطاوُوسٌ، وعُروةُ، وسُليمانُ بن يَسارٍ، وأبانُ بن عُثمان، وابنُ شِهاب، ومُجاهِدٌ، ومَكْحُولٌ، والشَّعبيُّ، وجابرُ بن زيدٍ، والحسنُ، وعِكرِمةُ. وبذلك قال الأوزاعيُّ، والشّافِعيُّ، واللَّيثُ بن سعدٍ، وأحمدُ، وإسحاقُ وداودُ، والطَّبريُّ (٢).

واضطربَ مالكٌ (٣) في إيجابِ الوُضُوءِ منهُ، واستقرَّ قولُهُ: أن لا إعادةَ على من صلَّى بعدَ أن مسَّهُ قاصِدًا، ولم يتوضَّأ، إلّا في الوقتِ، فإن خرجَ الوقتُ، فلا إعادةَ عليه. وعلى ذلك أكثرُ أصحابِهِ، وكذلك اختلف أصحابُهُ فيمن مسَّ ذكرهُ ساهيًا ببطنِ كفِّهِ، فرَوَى ابنُ القاسم عنهُ: من مسَّ فرْجهُ في غُسلِ الجنابةِ، أنَّهُ يُعيدُ وُضُوءَهُ. وكذلك في سماع أشهب، وابنِ نافع، عن مالكٍ، فيمن مسَّ ذكرهُ وهُو يتوضَّأُ قبل أن يغسِلَ رِجليهِ: أنَّهُ ينتقِضُ وُضوؤه (٤).

ورَوَى ابنُ وَهْبٍ (٥) عنهُ: أنَّهُ لا يُعيدُ الوُضُوءَ، إلّا من تعمَّدَ مسَّهُ. قال


(١) في ي ١: "أيعنَّف؟ ".
(٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٤٢٠، ٤٢٢، ٤٢٤، ٤٣٤، ٤٤١)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (١٧٤١) فما بعد، والأوسط لابن المنذر ١/ ٣٥٢.
(٣) في ي ١: "وهو مذهب مالك، إلا أن مالكًا اضطرب" بدل: "واضطرب مالك".
(٤) انظر: المدونة ١/ ١١٨.
(٥) رواه ابن وهب عن مالك في العتبية من رواية سحنون، كما في النوادر والزيادات لابن زيد القيرواني ١/ ٥٤. وانظر: الجامع لمسائل المدونة لأبي بكر الصقلي ١/ ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>