للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنُ وَهْبٍ: قيلَ لمالكٍ: فإن مسَّهُ على غِلالةٍ خَفيفةٍ؟ قال: لا وُضُوءَ عليه، ومن لم يتَعمَّد مسَّهُ، فلا وُضُوءَ عليه.

وذكرَ العُتْبيُّ، عن سُحنُون وابنِ القاسم ما قدَّمنا، من سُقُوطِ الوُضُوءِ منهُ.

واختار ابنُ حبيبٍ (١) إعادةَ الوُضُوءِ في العَمْدِ وغيرِهِ، لمن لم يُصلِّ، فإن صلَّى أعادَ في الوقتِ على رِوايةِ ابنِ القاسم.

ومالَ البَغداديُّون إلى رِوايةِ ابنِ وَهْب: أنَّ الوُضُوءَ منهُ استِحباب في العَمدِ دُونَ غيرِهِ. قال ابنُ وَهْبٍ: سُئلَ مالكٌ عنِ الوُضُوءِ من مَسِّ الذَّكرِ، فقال: حَسنٌ، وليس بسُنّةٍ، وأحَبُّ إليَّ أن يتوضَّأ من سماع ابنِ وَهْبٍ.

قال أبو عُمر: وأمّا سائرُ من ذكَرْنا من العُلماءِ بالحِجازِ، فإنَّهُم يرونَ منهُ الإعادةَ في الوَقتِ وبعدَهُ، وذهبَتْ إليه (٢) طائفةٌ من المالكيِّين، منهُم: أصبغُ بن الفرج، وعيسى بن دينارٍ، واحتجُّوا بأنَّ عبد اللَّه بن عُمرَ أعادَ الصَّلاةَ والوُضُوءَ منهُ للصُّبح بعدَ طُلُوع الشَّمسِ (٣). وهذه إعادةٌ بعد خُرُوج الوَقْتِ، وكان إسماعيلُ بن إسحاقَ وسائرُ البَغداديِّين من المالكيِّينَ، يجعلُونَ مسَّ الذَّكرِ من بابِ المُلامسةِ، فيقولُون: إنِ التذَّ الذي يَمسُّ ذكَرهُ، فالوُضُوءُ عليه واجِبٌ، وإن صلَّى دُونَ وُضُوءٍ، فالإعادةُ عليه في الوَقتِ وبعدَهُ، وإن لم يلتذَّ من مَسِّهِ، فلا شيءَ عليه، كالمُلامِسِ للنِّساءِ سَواءٌ في مذهبِهِم (٤).

وأمّا الذينَ لم يروا في مسِّ الذَّكرِ وُضُوءًا: فعليُّ بن أبي طالِبٍ، وعمّارُ بن


(١) في ي ١: "سحنون وابن حبيب".
(٢) سقطت هذه اللفظة من الأصل.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٨٧ (١٠٥).
(٤) انظر: الاستذكار ١/ ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>