للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدِ اللَّه بن أبي بكرٍ، عن عَمرةَ، عن عائشةَ: أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قلَّدَ هَدْيهُ، وأشْعَرهُ، وبعَثَ به إلى مكّةَ، وأقامَ بالمدينةِ، فلم يَجْتنِبْ شيئًا كان لهُ حَلالًا (١).

قال أبو عُمر: هذا اللَّفظُ ليسَ بصحيح في حديثِ مالكٍ هذا، وإنَّما هُو مَعرُوفٌ في حَديثِ أفلَحَ بن حُميدٍ، عنِ القاسم، عن عائشةَ (٢). وسَنذكُرُهُ في هذا البابِ إن شاءَ اللَّه.

وفي حديثِ مالكٍ في "المُوطَّأ" مَعانٍ من الفِقهِ:

منها: أنَّ عبد اللَّه بن عبّاسٍ كان يَرى، أنَّ من بعثَ بهَدْيٍ إلى الكعبةِ، لزِمهُ إذا قلَّدهُ، أن يُحرِمَ ويجتنِب كلَّ ما يجتنِبُ الحاجُّ، حتّى يُنْحَر هَدْيهُ.

وقد تابَع عبد اللَّه بن عبّاسٍ على ذلك: عبدُ اللَّه بن عُمرَ (٣)، وطائفةٌ. ورُوي بمِثلِ ذلك أثرٌ مرفُوعٌ من حديثِ جابرٍ، عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

ومنها: أنَّ أصحابَ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كانوا يختلِفُونَ في مَسائلِ الفِقهِ، وعُلُوم الدِّيانةِ، فلا يَعيبُ بعضُهُم بعضًا، بأكثرَ من رَدِّ قولِهِ، ومُخالَفتِهِ إلى ما عِندهُ من السُّنّةِ في ذلك، وهكذا يجِبُ على كلِّ مُسلِم.

ومنها: ما كان عليه الأُمَراءُ من الاهتِبالِ بأمرِ الدِّينِ، والكِتابِ فيه إلى البُلدانِ.

ومنها: عملُ أزْواج النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بأيديهِنَّ، وامتِهانُهُنَّ أنفُسهُنَّ، وكذلك كان رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَمتهِنُ نفسهُ في عَملِ بيتِهِ، فرُبَّما خاطَ ثوبهُ، ورُبَّما خصَفَ نَعلهُ، وقد قلَّدَ هَدْيهُ المذكُورَ في هذا الحَديثِ بيَدِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.


(١) أخرجه ابن خزيمة (٢٥٧٤) من طريق يعقوب الدورقي، به. وأخرجه أبو يعلى (٤٨٥٣) من طريق عثمان بن عمر، به.
(٢) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٣) سيأتي لاحقًا أيضًا، وانظر تخريجه في موضعه، وكذا ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>