للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكَرَ عبدُ الرَّزّاقِ، قال: حدَّثنا عُمرُ بن ذرٍّ، قال: سمِعتُ عَطاءَ بن أبي رباح، يقولُ: رأيتُ عائشةَ تَفتِلُ القَلائد للغَنم تُساقُ معَها هَدْيًا (١).

ومنها: التَّطوُّعُ بإرسالِ الهَدْيِ إلى الكَعْبةِ، تقرُّبًا إلى اللَّه عزَّ وجلَّ بذلك. وفي ذلك دليلٌ على فضْلِ الهَدْيِ، والضَّحايا.

ومنها: أنَّ تقليدَ الهَدْيِ، لا يُوجِبُ على صاحِبِهِ الإحرام.

وهذا المعنى الذي سِيقَ (٢) لهُ الحديثُ، وهُو الحُجّةُ عِند التَّنازُع، وقد تَنازَعَ العُلماءُ، واختَلفُوا في ذلك.

فأمّا مالكٌ، فذكَرَ ابنُ وَهْبٍ، وغيرُهُ عنهُ: أنَّهُ سُئلَ عمّا اختلَفَ النّاسُ فيه من الإحْرام في تَقليدِ الهَدْيِ، مِمَّن لا يُريدُ الحجَّ ولا العُمرةَ؟ فقال: الأمرُ عندَنا الذي نأخُذُ به في ذلك، قولُ عائشةَ: أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بعَثَ بهديِهِ، ثُمَّ أقامَ، فلم يَتْرُك شيئًا مما أحلَّ اللَّه لهُ، حتّى نحَرَ الهَدْي (٣).

قال مالكٌ: ولا يَنْبغي أن يُقلِّدَ الهَدْي، ولا يُشعَرَ، إلّا عندَ الإهلالِ، إلّا رجُل لا يُريدُ الحجَّ، فيبعثُ بهديِهِ، ويُقيمُ حلالًا في أهلِهِ (٤).

وقال الثَّوريُّ: إذا قلَّدَ الهَدْيَ، فقد أحرمَ، إن كان يُريدُ الحجَّ أوِ العُمرةَ، وإن كان لا يُريدُ ذلك، فليَبْعث بهديِهِ، وليُقِمْ حلالًا (٥).


(١) أخرجه ابن حزم في المحلى ٧/ ١١١، من طريق عبد الرزاق، به.
(٢) في م: "سبق".
(٣) انظر: الاستذكار ٤/ ٨١. وانظر فيه أيضا ما بعده.
(٤) انظر: التهذيب في اختصار المدونة لابن البراذعي ١/ ٤٩٤، والجامع لمسائل المدونة للصقلي ٤/ ٤٠٦.
(٥) انظر: الإشراف لابن المنذر ٣/ ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>