للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافِعيُّ وأبو ثورٍ (١) وداودُ: لا يكونُ أحدٌ مُحرِمًا بسياقةِ الهَدْي، ولا بتَقْليدِهِ، ولا يجِبُ عليه بذلك إحرامٌ، حتّى ينويهُ ويُريدهُ.

وقال أبو حَنِيفةَ: من ساقَ هديًا، وهُو يؤُمُّ البيت، ثُمَّ قلَّدهُ، فقد وجَبَ عليه الإحرامُ، وإن جلَّلَ (٢) الهَدْي، أو أشْعَرهُ، لم يكُن مُحرِمًا، إنَّما يكونُ مُحرِمًا بالتَّقليدِ.

وقال: إن كان معهُ شاةٌ فقلَّدَها، لم يَجِب عليه الإحرامُ؛ لأنَّ الغنمَ لا تُقلَّدُ.

وقال: إن بعثَ بهديِهِ فقلَّدهُ، وأقام حلالًا، ثُمَّ بَدا لهُ أن يخرُجَ، فخرج واتَّبع هديهُ، فإنَّهُ لا يكونُ مُحرِمًا حين يخرُجُ، إنَّما يكونُ مُحرِمًا (٣) إذا أدركَ هديهُ، وأخذهُ وسارَ به، وساقهُ معهُ.

وقال أبو حَنيفةَ وأبو يُوسُف ومحمدٌ: إن بعثَ بهديٍ لمُتعةٍ، ثُمَّ أقامَ حَلالًا أيامًا، ثُمَّ خرجَ، وقد كان قلَّدَ هديهُ، فهُو مُحرِمٌ حينَ يخرُجُ، ألا ترى أنَّهُ بعَثَ بهديِ المُتْعةِ؟

وقال ابنُ عبّاسٍ، وابنُ عُمر، وميمُونُ بن أبي شَبيبٍ وجَماعةٌ: من قلَّدَ، أو أشْعَرَ، أو جلَّل فقد أحرَمَ، وإن كان في أهلِهِ (٤). وليسَ (٥) في الرِّوايةِ عنِ ابنِ عبّاسٍ وابنِ عُمر: أو جلَّل. وإنَّما ذلك عن ميمُونٍ وحدهُ.

فأمّا الحديثُ الذي إليه ذهَبَ منِ اتَّبع ابن عبّاسٍ وابن عُمرَ على قولِهِما في هذا البابِ، فما وجَدتُهُ في أصلِ سَماع أبي، رحِمهُ اللَّه: أنَّ محمدَ بن أحمد بن قاسم بن


(١) انظر: الأم ٢/ ٢٣٧، والإشراف ٣/ ١٨٩، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ٧٩ ومنه نقل المصنف ما بعده.
(٢) جلَّلَ الدابة: ألبسها الجُل، وغطاها به. انظر: المعجم الوسيط، ص ١٣١.
(٣) من قوله: "إنما يكون محرمًا بالتقليد" إلى هنا لم يرد في ي ١.
(٤) ستأتي هذه الآثار لاحقًا، وانظر تخريجها في موضعها.
(٥) هذه اللفظة سقطت من ي ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>