للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومذهَبُ مالكٍ: أنَّهُ لا بأسَ بحَلْقِ الرَّأسِ، وتقليم الأظْفارِ، وقَصِّ الشّارِبِ، في عَشْرِ ذي الحِجّةِ، وهُو مذهبُ سائرِ الفُقهاءِ أيضًا (١) بالمدينةِ، والكُوفةِ (٢).

وقال اللَّيثُ بن سعدٍ، وقد ذُكِر لهُ حديثُ سَعيدِ بن المُسيِّبِ، عن أُمِّ سلمةَ، أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "من أهلَّ عليه منكُم هِلالُ ذي الحِجّةِ، وأرادَ أن يُضحِّي، فلا يأخُذ من شَعرِهِ وأظْفارِهِ، حتّى يُضحِّي". فقال اللَّيثُ: قد رُوي هذا، والنّاسُ على غيرِ هذا (٣).

وقال الأوزاعيُّ: إذا اشْتَرى أُضْحَيتهُ بعدَما دخلَ العشرُ، فإنَّهُ يَكُفُّ عن قَصِّ شارِبِهِ وأظفارِهِ، وإنِ اشْتَراها قبلَ أن يدخُل العَشرُ فلا بأسَ.

واختلَفَ قولُ الشّافِعيِّ في ذلك، فمرّةً قال: من أرادَ أن يُضحِّي، لم يَمسَّ في العَشْرِ من شعرِهِ شيئًا، ولا من أظفارِهِ.

وقال في موضِع آخر: أُحِبُّ لمن أرادَ أن يُضحِّي، أن لا يَمسَّ في العَشْرِ من شعرِهِ ولا من أظفارِهِ شيئًا، حتّى يُضحِّي، لحديثِ أُمِّ سَلَمةَ، فإن أخَذَ من شَعرِهِ وأظفارِهِ فلا بأسَ؛ لأنَّ عائشةَ قالت: كنتُ أفتِلُ قلائدَ هدي رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . الحديثَ.

وذكَرَ الأثرمُ، أنَّ أحمدَ بن حَنْبل كان يأخُذُ بحديثِ أُمِّ سلمةَ هذا. قيلَ لهُ: فإن أرادَ غيرُهُ أن يُضحِّي، وهُو لا يُريدُ أن يُضحِّي؟ فقال: إذا لم يُرِد أن يُضحِّي، لم يُمسِك عن شيءٍ، إنَّما قال: "إذا أرادَ أحدُكُم أن يُضحِّي" (٤).


(١) هذه الكلمة سقطت من الأصل، م.
(٢) انظر: الإشراف على نكت مسائل الخلاف لعبد الوهاب البغدادي ٢/ ٩٠٧ مسألة (١٨١٠)، والإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر ٣/ ٤١٢، ومختصر اختلاف العلماء ٣/ ٢٣٠ ومنه نقل المصنف ما بعده من الأقوال.
(٣) انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي ٤/ ١٨١.
(٤) انظر: مسائل أحمد وإسحاق للكوسج ٥/ ٢٢٢٦ (١٥٠٠)، ومسائل أحمد رواية ابنه عبد اللَّه، ص ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>