للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ رسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا دخَلَ العَشْرُ، فأرادَ أحدُكُم أن يُضحِّي، فلا يأخُذ من شَعرِهِ، ولا من أظْفارِهِ شيئًا" (١).

ففي هذا الحديثِ أنَّهُ لا يجُوزُ لمن أرادَ أن يُضحِّى أن يحلِقَ شَعْرًا، ولا يَقُصَّ ظُفرًا.

وفي حديثِ عائشةَ: أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يجتنِب شيئًا مِمّا يجتنِبُهُ المُحرِمُ، حينَ قلَّد هَدْيهُ، وبعث به. وهُو يرُدُّ حديث أُمِّ سلمةَ ويدفعُهُ.

وحديثُ أمِّ سلَمةَ لم يُدخلهُ مالك في "مُوطَّئه" ولو كان عندَهُ صحيحًا، لأدخلَهُ في "موطَّئه" كما أدخَلَ فيه ما يُعارضُه ويَدْفَعُه (٢).

ومِمّا يدُلُّ على ضَعفِهِ وَوَهنِهِ: أنَّ مالكًا رَوَى عن عُمارةَ بن عبدِ اللَّه، عن سَعيدِ بن المُسيِّبِ، قال: لا بأسَ بالاطِّلاءِ بالنَّورةِ في عَشْرِ ذي الحِجّةِ (٣).

فتَرْكُ سعيدٍ لاسْتِعمالِ هذا الحديثِ، وهُو راويتُهُ، دليل على أنَّهُ عندَهُ غيرُ ثابتٍ، أو مَنسُوخٌ.

وقد أجمعَ العُلماءُ، على أنَّ الجِماعَ مُباحٌ في أيام العَشْرِ، لمن أرادَ أن يُضحِّي، فما دُونهُ أحْرَى أن يكونَ مُباحًا.


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٤٤/ ٢٥٨ (٢٦٦٥٤)، ومسلم (١٩٧٧) (٤١)، والترمذي (١٥٢٣)، وابن ماجة (٣١٥٠)، والنسائي في المجتبى ٧/ ٢١١، وفي الكبرى ٤/ ٣٣٥ (٤٤٣٥)، وأبو يعلى (٦٩١١)، وأبو عوانة (٧٧٨٠، ٧٧٨٢)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٨١، وفي شرح مشكل الآثار ١٤/ ١٢٨ - ١٢٩ (٥٥٠٦، ٥٥٠٧)، وابن حبان ١٣/ ٢٣٧ (٥٩١٦)، والطبراني في الكبير ٢٣/ ٢٦٦ - ٢٦٧ (٥٦٤)، والدارقطني في سننه ٥/ ٥٠١ (٤٧٤٥)، والبيهقي في الكبرى ٩/ ٢٦٦، من طريق شعبة، به. وانظر: المسند الجامع ٢٠/ ٦٦٦ - ٦٦٧ (١٧٦١٩).
(٢) من قوله: "وحديث أم سلمة لم يدخله مالك" إلى هنا لم يرد في الأصل، م، كأنه قفز نظر.
(٣) ذكره ابن حزم في المحلى ٧/ ٣٦٩، من طريق مالك، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>