للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر ابنُ سَنْجرٍ، قال: حدَّثنا قَبِيصةُ، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عن عبدِ اللَّه بن أبي لبيدٍ، قال: أخبَرنا المُطَّلِبُ بن عبدِ اللَّه بن حَنْطبٍ، عن خَلّادِ بن السّائبِ، عن أبيه، عن زَيْدِ بن خالدٍ الجُهنيِّ، قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أتاني جِبريلُ فقال: ارفَعْ صوتَكَ بالإهلالِ، فإنَّهُ شِعارُ الحجِّ" (١). هكذا قال قَبيصةُ: خلّادُ بن السّائبِ، عن أبيه. ولم يقُل: وكيعٌ: عن أبيه (٢).

وقد مَضَى القولُ في مَعنى التَّلبيةِ والإهلالِ، فيما سلفَ من هذا الكِتابِ، والمعنَى فيهما واحِدٌ، وذلك: رَفْعُ صوتِ الحاجِّ بـ: "لبَّيْكَ اللَّهُمَّ لبَّيْكَ"، على ما مَضَى في حديثِ نافع، عنِ ابنِ عُمرَ (٣) من ألفاظِ التَّلبيةِ.

واختلَفَ العُلماءُ في وُجُوبِ التَّلبيةِ وكيفيَّتِها، فذهَبَ أهلُ الظّاهِرِ إلى وُجُوبِ التَّلبيةِ، منهُم: داودُ، وغيرُهُ.

وقال سائرُ أهلِ العِلْم: ذلك من سُننِ الحجِّ وزينتِهِ.

وكان مالكٌ يَرى على من تركَ التَّلبيةَ من أوَّلِ إحْرامِهِ، إلى آخِرِ حجِّهِ، دمًا يُهريقُهُ (٤).

وكان الشّافِعيُّ وأبو حَنِيفةَ، لا يَرَيانِ عليه شيئًا، وإن كان قد أساءَ عندَهُم.


(١) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٤/ ١٥٠، والطبراني في الكبير ٥/ ٢٢٨ (٥١٦٨) من طريق قبيصة، به، وهي رواية غير محفوظة.
(٢) وقد غلّط الإمام البخاري هذه الرواية وصحح الرواية مالك ومن تابعه في روايته: خلاد بن السائب عن أبيه، كما في ترتيب علل الترمذي الكبير (٢٢٢). وقال الترمذي: روى بعضهم هذا الحديث عن خلاد بن السائب، عن زيد بن خالد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا يصح، والصحيح هو: عن خلاد بن السائب، عن أبيه. جامع الترمذي (٨٢٩).
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٤٦ (٩٣٢).
(٤) انظر: التفريع في فقه الإمام مالك لابن الجلاب ١/ ١٩٩، والإشراف لابن المنذر ٣/ ١٩٦، وفيه ما بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>