للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد مضَتْ هذه المسألةُ، في بابِ نافع من هذا الكِتابِ مُجوَّدةً.

وكذلك أوجبَ أهلُ الظّاهِرِ رفعَ الصَّوتِ بالتَّلبيةِ، ولم يُوجِبهُ غيرُهُم.

وقال مالكٌ: يرفعُ المُحرِمُ صَوْتهُ بالتَّلبيةِ قدرَ ما يُسمِعُ نَفسهُ، وكذلك المرأةُ تَرْفعُ صَوْتها قدرَ ما تُسمِعُ نفسها.

وقال في "المُوطَّأ" (١): لا يرفعُ المُحرِمُ صَوْتهُ بالإهلالِ في المساجِدِ، مَساجِدِ الجماعةِ ليُسْمِعَ نفسَهُ ومن يَليهِ، إلّا المسجِدَ الحَرامَ، ومَسجِد منًى، فإنَّهُ يَرْفعُ صوتهُ فيهما.

قال: ولا (٢) يُلبِّي عِند اصْطِدام الرِّفاقِ.

وقال إسماعيلُ بن إسحاقَ: الفَرْقُ بين المسجِدِ الحرام ومَسجِدِ منًى، وبينَ سائرِ المساجِدِ في رَفْع الصَّوتِ بالتَّلبيةِ: أنَّ مساجِدَ الجماعةِ إنَّما بُنِيت للصَّلاةِ خاصّةً، فكُرِهَ رفعُ الصَّوتِ فيها، وجاءَتِ الكراهيةُ في رَفْع الصَّوتِ فيها عامًّا، لم يُخصَّ أحدٌ من أحدٍ، إلّا الإمامُ الذي يُصلِّي بالنّاسِ فيها، فدخَلَ المُلبِّي في الجُملةِ، ولم يدخُل في ذلك المسجِدُ الحرامُ ومسجِدُ منًى؛ لأنَّ المسجِدَ الحرامَ جُعِلَ للحاجِّ وغيرِ الحاجِّ، قال اللَّه عزَّ وجلَّ: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ} [الحج: ٢٥] وكان المُلبِّي إنَّما يقصِدُ إليه، فكانَ لهُ فيه من الخُصُوصِ ما ليسَ في غَيرِه.

وأمّا مَسْجِدُ منًى، فإنَّه (٣) للحاجِّ خاصّةً.


(١) الموطأ ١/ ٤٥٠ (٩٤٠).
(٢) هذا الحرف لم يرد في الأصل، م، ولا بد منه، وينظر: المغني لابن قدامة ٣/ ٢٧٣.
(٣) في م: "فإن".

<<  <  ج: ص:  >  >>