للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكرَ عبدُ الرَّزّاقِ، عنِ الأسْلَميِّ، عن داود، عن عِكرِمةَ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، في رجُلٍ باتَ بمكّةَ أيام منًى، قال: ليس عليه شيءٌ.

وعن ابنِ عُيينةَ، عن عَمرِو بن دينارٍ، عن عِكْرِمةَ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، قال: لا بأسَ أن يبيتَ الرَّجُلُ بمكّةَ ليالي منًى، ويظلَّ إذا رَمَى الجِمارُ.

ورَوَى عَطاءٌ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، قال: إذا كان للرَّجُلِ متاعٌ بمكّةَ، فخَشِيَ عليه الضَّيعةُ، إن بات بمِنًى، فلا بأسَ أن يَبِيتَ عِندهُ بمكّةَ (١).

وهذه الرِّوايةُ أشبهُ؛ لأنَّهُ خائفٌ مُضطرٌّ، فرُخِّصَ لهُ.

وقال ابنُ جُريج، عن عَطاءٍ: إذا جاءَ مكّةَ لغيرِ ضرُورِة وباتَ بها، فلْيُهرِقْ دمًا.

ومَعْمرٌ، عنِ الزُّهْريِّ، قال: إذا باتَ بمكّةَ ليالي منًى، فعليه دمٌ.

قال أبو عُمر: أجمعَ الفُقهاءُ على أنَّ البيتَ للحاجِّ غيرُ الذين رُخِّصَ لهم لياليَ منًى بمِنًى، من شَعائرِ الحجِّ ونُسُكِهِ، والنَّظرُ يُوجِبُ على كلِّ مُسقِطٍ لنُسُكِهِ دمًا، قياسًا على سائرِ شَعائرِ الحجِّ ونُسُكِهِ.

وأحسنُ ما في هذا البابِ، ما رواهُ مالكٌ (٢)، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ، قال: قال عُمرُ: لا يَبِيتنَّ أحدٌ من الحاجِّ من وَراءِ العَقَبةِ. وكان يُوكِلُ بذلك رِجالًا، لا يترُكُونَ أحدًا من الحاجِّ يَبِيتُ من وراءِ العقبةِ، إلّا أدخلُوهُ.

وهذا يدُلُّ على أنَّ المَبِيتَ بمِنًى (٣) من مُؤَكَّداتِ أُمُورِ الحجِّ، واللَّه أعلمُ (٤).


(١) أخرجه الفاكهي في أخبار مكة ٢/ ٦٥ (١١٦٠)، وابن حزم في المحلى ٧/ ١٨٥، من طريق عطاء، به.
(٢) في الموطأ ١/ ٥٤٢ (١٢٠٨).
(٣) هذه الكلمة سقطت من م. وزاد في هذا الموضع في ي ١: "ليالي منى".
(٤) جاء في حاشية الأصل: "بلغت المقابلة بحمد اللَّه وحسن عونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>