للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حَنِيفةَ (١) والثَّوريُّ والشّافِعيُّ (٢) وأصْحابُهُم: عليه دمٌ. ومن حُجَّتِهِم أنَّ ابنَ عبّاسٍ كان يقولُ: من تركَ شيئًا من نُسُكِهِ، فعليه دمٌ (٣). ومن أصحابِ الشّافِعيِّ من يقولُ: إنَّ هذا الدَّمَ استِحبابٌ.

وقد أجمعُوا أنَّ طوافَ الوَداع من النُّسُكِ، ومن سُنَنِ الحجِّ المسنُونةِ.

قال أبو عُمر: قد رُوي ذلك عن عُمرَ، وابن عُمرَ (٤)، وابنِ عبّاسٍ، وغيرِهِم. ولا مُخالِفَ لهم من الصَّحابةِ.

ورَوَى معمرٌ، عنِ الزُّهريِّ، عن سالم، عن أبيه: أنَّ عُمرَ بن الخطّابِ خطَبَ النّاس، فقال: إذا نَفَرتُم من منًى، فلا يصدُرْ أحدٌ، حتّى يطُوفَ بالبيتِ، فإنَّ آخِرَ المناسِكِ الطَّوافُ بالبيتِ. ونافعٌ، عنِ ابنِ عُمر، عن عُمر مِثلهُ (٥).

ومعمرٌ، عن أيُّوب، عن نافع.

وعن الزُّهريِّ، عن سالم: أنَّ صفيّةَ بنت أبي عُبيدٍ حاضَتْ يومَ النَّحرِ، بعدَما طافَتْ بالبيتِ، فأقامَ ابنُ عُمرَ عليها سبعًا، حتّى طهُرَتْ، فطافَتْ، فكانَ آخرَ عَهْدِها بالبيتِ.

قال الزُّهْريُّ: وأخبَرني طاوُوسٌ، أنَّهُ سمِعَ ابن عُمرَ قبلَ أن يمُوتَ بعام، أو بعامينِ، يقولُ: أمّا النِّساءُ فقد رُخِّصَ لهُنَّ (٦). قال الزُّهريُّ: ولو رأيتَ طاوُوسًا، علِمتَ أنَّهُ لا يكذِبُ.


(١) انظر: الأصل لمحمد بن الحسن ٢/ ٣٩٤.
(٢) انظر: الأم ٢/ ١٩٧. وانظر أيضًا: الإشراف لابن المنذر ٣/ ٢٨٠، ٣٦٢، ومختصر اختلاف العلماء ٢/ ١٦٤.
(٣) أخرجه في الموطأ ١/ ٥٥٩ (١٢٥٧).
(٤) قوله: "وابن عمر" لم يرد في م.
(٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٩٦ (١٠٧٩).
(٦) أخرجه الدارمي (١٩٣٤)، ويعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ ١/ ٧٥٠، والنسائي في السنن الكبرى ٤/ ٢٢٧ - ٢٢٨ (٤١٨٤) من طريق الزهري، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>