للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا يَعِيشُ بن سَعيدٍ وعبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن محمدٍ البِرْتيُّ، قال: حدَّثنا أبو مَعْمرٍ، قال: حدَّثنا عبدُ الوارثِ، قال: حدَّثنا أيُّوبُ، عنِ ابنِ سيرينَ، قال: قال ابنُ عُمر: إنَّ المُعوَّلَ عليه يُعذَّبُ، فقال رجُلٌ: إنَّ اللَّهَ أضحكَ وأبْكَى، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] قال: فقال ابنُ عُمر: قد قالهُ (١) رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

قال أبو عُمر: فهذا يُبيِّنُ لكَ، أنَّ ابن عُمرَ قد أثبتَ ما حفِظَ عن رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك، ولم يَنْسَ، ومن حفِظَ فهُو حُجّةٌ على من لم يحفظ.

وليسَ يُسوَّغُ عندَ جماعةِ أهلِ العِلم الاعتِراضُ على السُّننِ بظاهِرِ القُرآنِ، إذا كان لها مخرجٌ ووَجهٌ صحيحٌ؛ لأنَّ السُّنّةَ مُبيِّنةٌ للقُرآنِ، قاضيةٌ عليه، غيرُ مُدافِعةٍ (٣) لهُ، قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤].

وقد أبَى جماعةٌ من العُلماءِ من نسخ السُّنّةِ بالقُرآنِ، فيما يُمكِنُ فيه النُّسخُ، وقالوا: لو جازَ ذلك، لارتَفعَ البيانُ، وهذه مسألةٌ من الأُصُولِ، ليسَ هذا موضِعَ ذِكرِها.


(١) في م: "قال".
(٢) لم نهتد إلى هذه الرواية، وقد رُوي عن ابن عمر خلاف ذلك، فروى ابن أبي مليكة: أن ابن عباس احتج على ابن عمر، بمثل ما احتج عليه الرجل في هذه الرواية، ولم يردّ ابن عمر عليه بشيء. جاء ذلك في نهاية حديث ابن أبي مليكة المذكور، إلا أن المصنف رحمه اللَّه لم يُتم الحديث، ونص تلك الزيادة من لفظ البخاري: "قالت عائشة: ولكن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه". وقالت: حسبكم القرآن: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤]. قال ابن عباس، رضي اللَّه عنهما عند ذلك: واللَّه {هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} [النجم: ٤٣]. قال ابن أبي مليكة: واللَّه ما قال ابن عمر، رضي اللَّه عنهما شيئًا". أخرجه الشافعي في مسنده، ص ١٨٢، وعبد الرزاق في المصنَّف (٦٦٧٥)، والبخاري (١٢٨٨)، ومسلم (٩٢٩)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٧٣، والبغوي في شرح السنة (١٥٣٧) من طريق ابن أبي مليكة، به مطولًا.
(٣) في ي ١: "مرافعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>