للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكِن قد صحَّ عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من حديثِ عُمرَ بن الخطّابِ (١)، وعبدِ اللَّه بن عُمرَ، والمُغيرةِ بن شُعبةَ، وغيرِهِم: أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يُعذَّبُ الميِّتُ بما نِيحَ عليه". وهذا محمُولٌ عندَ جماعةٍ من أهلِ العِلم، على ما نذكُرُهُ في هذا (٢) البابِ عنهُم بعدَ ذِكرِ الآثارِ في ذلك إن شاءَ اللَّه.

فأمّا إنكارُ عائشةَ على ابنِ عُمرَ، فقد رُوِيَ من وُجُوهٍ:

منها: ما رواهُ هشامُ بن عُروةَ، عن أبيه، عنِ ابنِ عُمرَ، قال: قال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ الميِّت ليُعذَّبُ ببُكاءِ أهْلِهِ (٣) ". فذُكِرَ ذلك لعائشةَ، فقالت: وَهَلَ (٤) ابنُ عُمرَ، إنَّما مَرَّ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على يهُوديٍّ، فقال: "إنَّ صاحِبَ هذا القَبرِ يُعذَّبُ، وأهلُهُ يبكُونَ عليه" (٥).

وروَىَ أيُّوبُ، عنِ ابنِ أبي مُلَيكةَ، عنِ القاسم، قال: قالت عائشةُ: إنَّكُم لتُحدِّثُونَ عن غيرِ كاذِبَيْنِ: عُمر وابنِهِ، ولكِنَّ السَّمعَ يُخطِئُ (٦).

قال أبو عُمر: ليس إنكارُ عائشةَ بشيءٍ. وقد وقفَ ابنُ عُمرَ على مِثلِ ما نزعَتْ به عائشةُ، فلم يَرْجِع، وثبتَ على ما سمِعَ، وهُو الواجِبُ كان عليه.


(١) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه. وكذا ما بعده.
(٢) هذا الحرف سقط من م.
(٣) هذه الكلمة سقطت من م.
(٤) وهلَ، بفتح الهاء وكسرها، أي: ذهب وهمه إلى ذلك. ووهلَ في الشيء، وعن الشيء، يوهل وهلًا، إذا غلط فيه وسها. لسان العرب ١١/ ٧٣٧.
(٥) أخرجه أحمد في مسنده ٩/ ٢١، ٤٠/ ٣٤٧ (٤٩٥٩، ٢٤٣٠٢)، والبخاري (٣٩٧٨)، ومسلم (٩٣٢) (٢٦)، وأبو داود (٣١٢٩)، والنسائي في المجتبى ٤/ ١١٠، وفي الكبرى ٢/ ٤٨٢ (٢٢١٤) من طريق هشام بن عروة، به. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٧٢٨ - ٧٢٩ (٨١٤٠).
(٦) أخرجه إسحاق بن راهوية (١٢٥٦)، وأحمد في مسنده ١/ ٣٨٦ (٢٨٨)، ومسلم (٩٢٨) (٢٢)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ٧٣، من طريق أيوب، به. وانظر: المسند الجامع ١٣/ ٥١٩ (١٠٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>