للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلمَ أنَّ حقَّ الطّالِبِ يثبُتُ، أو قد ثبتَ بغيرِهِ، فإن كان كذلك، فهُو في سَعةٍ، وأداؤُها مع ذلك أفضَلُ، وسَواءٌ شهِدَ أحدٌ قبلهُ أو معهُ، أو لم يشهد، إذا كان الحقُّ مالًا؛ لأنَّ اليَمينَ فيه مع الشّاهِدِ الواحِدِ.

وفي هذا الحديثِ أيضًا دليلٌ على جَوازِ شهادةِ السَّماع، وإن لم يَقُلِ المشهُودُ لهُ: أُشهِدُكَ على هذا. ولا قال المُشهُودُ عليه: اشْهَد عليَّ. فمن سمِعَ شيئًا وعلِمهُ، جازَ لهُ أن يشهدَ به، ومِثلُ هذا يأتي بالشَّهادةِ قبلَ أن يُسألها؛ لأنَّ صاحِبَها لا يعلمُ بها، فكلُّ من علِمَ شيئًا، يجُوزُ أداؤُهُ، جازَ لهُ أن يشهدَ به، لقولِهِ: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦]. وقولِهِ عزَّ وجلَّ: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [الطلاق: ٢] وقولِهِ: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} (١) [المعارج: ٣٣].

قال أبو عُمر: قد جعلَ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ظُهُور شَهادةِ الزُّورِ، وكِتْمان شَهادةِ الحقِّ، من أشْراطِ السّاعةِ، عائبًا لذلك، ومُوبِّخًا عليه، فإذا كان كِتمانُ شَهادةِ الحقِّ عيبًا وحَرامًا، فالبِدارُ إلى الإخبارِ بها، قبلَ أن يُسألَ عنها، فيه الفَضلُ الجسيمُ، والأجرُ العظيمُ، إن شاءَ اللَّه.

حدَّثنا يوسُفُ بن محمدِ بن يُوسُفَ ومحمدُ بن إبراهيمَ وعبدُ العزيزِ بن عبدِ الرَّحمنِ، قالوا: حدَّثنا أحمدُ بن مُطرِّفٍ، قال: حدَّثنا سعيدُ بن عُثمان، قال: حدَّثنا أحمدُ بن عبدِ اللَّه بن صالح، قال: حدَّثنا أبو نُعيم، قال: حدَّثنا بَشِيرٌ أبو إسماعيل (٢)،


(١) في الأصل، م: "بشهادتهم قائمون". قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو وحمزة واحدة. وروى حفص عن عاصم وعباس عن أبي عمرو والحلواني عن أبي معمر عن عبد الوارث عن أبي عمرو: {بِشَهَادَاتِهِمْ} جمعًا. انظر: السبعة في القراءات لأبي بكر البغدادي، ص ٦٥١.
(٢) في الأصل، ي ١، م: "بن إسماعيل"، خطأ. وهو بشير بن سلمان الكندي، أبو اسماعيل الكوفي. انظر: تهذيب الكمال ٤/ ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>