للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: هكذا وقعَ عندَ شَيْخي في أصلِهِ: "في المأمُومةِ نِصفُ الدِّيةِ". وهُو خطأٌ من الكاتِبِ.

والمحفُوظُ في هذا الحديثِ، وغيرِهِ: "أنَّ في المأمُومةِ ثُلُثَ الدِّيةِ" لا يختلِفُ العُلماءُ في ذلك، منَ السَّلفِ والخَلَفِ، وأهلُ العِراقِ يقولُون لها: الآمّةُ، وأهلُ الحِجازِ: المأمُومةُ. وكذلك في كِتابِ عَمرِو بن حَزْم: المأمُومةُ فيها ثُلُثُ الدِّيةِ. كذلك نقلَ الثِّقاتُ.

وأمّا ما في حديثِ مالكٍ من الفِقهِ، فقولُهُ: "في النَّفسِ مئةٌ من الإبِلِ".

وهذا مَوْضِعٌ فيه تَنازُعٌ بينَ العُلماءِ، بعدَ إجماعِهِم أنَّ على أهْلِ الإبِلِ في دِيةِ النَّفسِ إذا أُتلِفَتْ خطأً: مئةً من الإبِلِ، لا خِلافَ بين عُلماءِ المُسلِمينَ في ذلك، ولا يختلِفُونَ أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جَعلَها كذلك، وإنَّما تَنازعُوا واختلفُوا في الدِّيةِ على أهلِ الوَرِقِ والذَّهبِ.

واختَلَفُوا أيضًا، هل يُؤخَذُ فيها: الشّاءُ، والبَقرُ، والحُلَلُ، أم لا تكونُ إلّا في الثَّلاثةِ الأصْنافِ: الإبِلِ، والذَّهبِ، والوَرِقِ؟ على حَسَبِ ما نُورِدُهُ في هذا البابِ، مُهذَّبًا مُمهَّدًا إن شاءَ اللَّه.

ذكر عبدُ الرَّزّاقِ (١)، عن مَعْمرٍ، عنِ الزُّهريِّ، قال: كانتِ الدِّيةُ على عَهْدِ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مئةَ بَعِيرٍ، لكلِّ بَعِيرٍ أُوقيّةٌ، فذلك أربعةُ آلافٍ، فلمّا كان عُمرُ غَلِتِ الإبِلُ، ورَخُصتِ الوَرِقُ، فجَعلَها عُمرُ أُوقيّةً ونِصفًا، ثُمَّ غَلَتِ الإبِلُ، ورَخُصتِ الوَرِقُ، فجَعلَها عُمرُ أُوقيَّتينِ، فذلك ثمانيةُ آلافٍ، ثُمَّ لم تَزلِ الإبِلُ تَغلُو، ويَرْخُصُ الوَرِقُ، حتّى جَعلَها عُمرُ اثْنَي عشَرَ ألفًا، أو ألفَ دينارٍ، ومن البَقرِ مِئَتا بَقَرةٍ، ومن الشّاءِ ألفا (٢) شاةٍ.


(١) في المصنَّف (١٧٢٥٥).
(٢) في مصدر التخريج: "ألف".

<<  <  ج: ص:  >  >>