ولو لم يكُن عندَهُ في هذا الخبرِ معنَى النَّهيِ، ما أجازَ فيه النَّسخ. ومِثلُهُ كثيرٌ.
وفي كِتابِ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أن لا يَمَسَّ القُرآنَ إلّا طاهِرٌ" بيانُ مَعْنَى قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[الواقعة: ٧٩] لاحتِمالِهِا للتَّأويلِ، ومَجِيئها بلفظِ الخبرِ.
وقد قال مالكٌ (١) في هذه الآيةِ: إنَّ أحسنَ ما سَمِعَ فيها: أنَّها مِثلُ قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: ١١ - ١٦].
وقولُ مالكٍ: أحسنُ ما سمِعتُ. يدُلُّ على أنَّهُ سَمِعَ فيها اختِلافًا، وأولى ما قيلَ به في هذا البابِ، ما عليه جُمهُورُ العُلماءِ، منِ امتِثالِ ما في كِتابِ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لعَمرِو بن حزم:"أن لا يَمَسَّ القُرآنَ أحدٌ، إلّا وهُو طاهِرٌ". واللَّه أعلمُ وبه التَّوفيقُ.