للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رُوِيَ عن عَطاءٍ، أنَّهُ قال: لا بأسَ أن تحمِلَ الحائضُ المُصحفَ بعِلَاقتِهِ (١).

وأمّا الحكمُ بن عُتَيبةَ وحمّادُ بن أبي سُليمانَ، فلم يُختَلَف عنهُما في إجازةِ حملِ المُصحَفِ بعِلَاقتِهِ، لمن ليسَ بطاهِرٍ (٢). وقولُهُما عِندي شُذُوذٌ، ومُخالفةٌ للأثرِ.

وإلى قولِهِما ذهَبَ داودُ بن عليٍّ، قال: لا بأسَ أن يَمَسَّ المُصحفَ، والدَّنانيرَ، والدَّراهِمَ التي فيها ذِكرُ اللَّه، الجُنُبُ والحائضُ (٣).

قال: ومعنى قولِهِ: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩] هُمُ الملائكةُ. قال: ولو كان ذلك نهيًا، لقال: لا يمسَّهُ. واحتجَّ أيضًا بقولِ رسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المُؤمِنُ ليسَ بنجِسٍ" (٤).

قال أبو عُمر: قد يأتي النَّهيُ بلفظِ الخبَرِ، ويكونُ معناهُ النَّهيَ، وذلك موجُودٌ في كِتابِ اللَّه كثيرٌ، نحو قولِهِ: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور: ٣] جاءَ بلفظِ الخَبَرِ.

وكان سعيدُ بن المُسيِّبِ وغيرُهُ يقولُ: إنَّها مَنْسُوخةٌ بقولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} (٥) [النور: ٣٢].


(١) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٧٥٠٣).
(٢) انظر: الأوسط لابن المنذر ٢/ ٢٢٤.
(٣) انظر: الاستذكار ٢/ ٤٧٣.
(٤) أخرجه أحمد في مسنده ١٢/ ١٤٥ (٧٢١١)، والبخاري (٢٨٥)، ومسلم (٣٧١)، وأبو داود (٢٣١)، وابن ماجة (٥٣٤)، والنسائي في المجتبى ١/ ١٤٥، وفي الكبرى ١/ ١٧٤ (٢٥٩)، وابن الجارود في المنتقى (٩٦)، وأبو عوانة (٧٧٣)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٣، وابن حبان ٤/ ٦٩ (١٢٥٩)، والبيهقي في الكبرى (١/ ١٨٩)، والبغوي في شرح السنة (٢٦١) من حديث أبي هريرة. وانظر: المسند الجامع ١٦/ ٥٦١ (١٢٧٩٤).
(٥) أخرجه أبو عبيد في ناسخه، ص ١٢٩ - ١٣٠، وابن أبي شيبة في مصنَّفه (١٧١٩٣)، والطبري في تفسيره ١٩/ ١٠١، وابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٥٢٤، والبيهقي في الكبرى ٧/ ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>