للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكٌ، عن أبي الرِّجالِ، عن عَمْرةَ، عن عائشةَ: أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قَضَى في سيلِ مَهزُورٍ ومُذَيْنيبٍ أن يُمسِكَ الأعلى إلى الكَعْبينِ، ثُمَّ يُرسِلَ الأعلى إلى الأسْفَلِ (١).

وهذا إسنادٌ غريبٌ جِدًّا عن مالكٍ، لا أعلمُهُ يُروى عن مالكٍ بهذا الإسنادِ، من غيرِ هذا الوجهِ.

قال أبو عُمر: حديثُ سَيْلِ مهزُورٍ ومُذَيْنيبٍ، حديثٌ مدنيٌّ مشهُورٌ عندَ أهلِ المدينةِ، مُستَعمل عِندهُم، معرُوفٌ معمُولٌ به.

ومهزُورٌ: وادٍ بالمدينةِ، وكذلك مُذَيْنيبٌ: وادٍ أيضًا عِندهُم، وهُما جميعًا يُسقيانِ بالسَّيلِ، فكان هذا الحديثُ مُتوارثًا عندَهُمُ العَملُ به.

وذكرَ عبدُ الملكِ بن حبيبٍ (٢) أنَّ مَهْزُورًا ومُذَيْنيبًا واديانِ من أوْدِيةِ المدينةِ يَسِيلانِ بالمطَرِ، ويَتنافسُ أهلُ الحَوائطِ في سَيْلِهِما، فقَضَى به رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للأعْلَى فالأعْلَى، والأقْرَبِ فالأقْرَبِ إلى ذلك السَّيلِ، يُدخِلُ صاحِبُ الحائطِ الأعلى اللّاصِقِ به السَّيلُ جميعَ الماءِ في حائطِهِ، ويصرِفُ مجراهُ إلى بِيبتِهِ (٣)، فيَسِيلُ فيها، ويسقي به، حتّى إذا بلغَ الماءُ من قاعةِ الحائطِ إلى الكَعْبينِ من القائم، أغلقَ البيبةَ، وصرفَ ما زادَ من الماءِ على مِقدارِ الكعبينِ إلى من يليهِ لحائطِهِ، فيَصْنعُ فيه مِثلَ ذلك، ثُمَّ يصرِفُهُ إلى من يَليهِ أيضا، هكذا أبدًا يكونُ الأعْلَى فالأعْلَى أولى به على هذا الفِعلِ، حتّى يبلُغَ ماءُ السَّيلِ إلى أقْصَى الحوائطِ.

قال: وهكذا فسَّرهُ لي مُطرِّفٌ وابنُ الماجِشُونِ، عندَ سُؤالِهِما عن ذلك.


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢/ ٦٢، من طريق إسحاق بن عيسى، به.
(٢) انظر: تفسير غريب الموطأ ٢/ ١٩ - ٢٠.
(٣) البيبة: مجرى الماء إلى الحوض، وفتحة الحوض التي يُفرغ بها ماؤه. انظر: المعجم الوسيط، ص ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>