وقال يحيَى، عن ابنِ نافع: لا أُحبُّ لأحدٍ أنْ يفعلَ مثلَ ذلك الفعلِ اليومَ، فإن فعَل لم آمرْه أنْ يستأنفَ.
وروَى أبو قُرَّةَ موسى بنُ طارقٍ، عن مالكٍ، مثلَ قولِ ابنِ نافع، خلافَ روايةِ ابنِ القاسم عنه.
حدَّثنا خلفُ بنُ القاسم، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدِ اللَّه بنِ عبدِ المؤمنِ، قال: حدَّثنا المُفَضَّلُ بنُ محمدٍ الجَنَدي، قال: حدَّثنا عليُّ بنُ زيادٍ، قال: حدَّثنا أبو قُرَّةَ، قال: سمِعتُ مالكًا يَستحِبُّ إذا تكلَّم الرجلُ في الصلاةِ أن يعودَ لها، ولا يبنيَ. قال: وقال لنا مالكٌ: إنما تكلَّم رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وتكلَّم أصحابُه معه يومَئذٍ؛ لأنَّهم ظنُّوا أنَّ الصلاةَ قد قَصُرَتْ، ولا يجوزُ ذلك لأحدٍ اليوم.
وروَى أشهبُ، عن مالكٍ، في سماعِه، أنَّه قيل له: أبَلَغك أنَّ ربيعةَ صلَّى خلفَ إمام فأطالَ التشهدَ، فخافَ ربيعةُ أنْ يُسلِّمَ، وكانَ على الإمام السجودُ قبلَ السلام، فكلَّمه ربيعةُ، وقال له: إنهما قبلَ السلام؟ فقال: ما بلَغني، ولو بلغني، ما تكلمْتُ به، أيُتكلَّمُ في الصلاةِ؟!
قال أبو عُمر: تَحتمِلُ روايةُ أشهبَ هذه أن يكونَ مالكٌ رجَع فيها عن قولِه الذي حكَاه عنه ابنُ القاسم إلى ما حكَاه عنه أبو قُرَّةَ، ويَحتمِلُ أن يكونَ أنكَر هذا من فعلِ ربيعةَ من أجلِ أنَّه لم يكنْ يلزمُه عندَه الكلامُ فيما تكلَّم فيه؛ لأنَّ أمرَ سُجودِ السهوِ خفيفٌ في أن يُنقَلَ ما كان منه قبلَ السلام فيُجعَلَ بعدَ السلام، فكأنَّ ربيعةَ عندَ مالكٍ تكلَّم فيما لم يكنْ ينبغِي له أن يَتكلَّمَ فيه، ورأى كلامَه كأنَّه في غيرِ شأنِ الصلاةِ، وذهَب ربيعةُ إلى أنَّه تكلَّم في شأنِ الصلاةِ وصلاحِها، واللَّهُ أعلم.