للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في ذلك ما فعَل النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ ذي اليدين. هذا قولُ ابنِ القاسم في كتاب "المُدَوَّنَةِ" (١)، وروايتُه عن مالكٍ، وهو المشهورُ من مذهبِ مالكٍ، وإياه يُقلِّدُ إسماعيلُ بنُ إسحاقَ، واحتجَّ له في كتابِ ردِّه على محمدِ بنِ الحسنِ، وكذلك روَى عيسى (٢)، عنِ ابنِ القاسم، قال عيسى: سألْتُ ابنَ القاسم عن إمام فعلَ اليومَ كفعلِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ ذي اليدين، وتكلَّم أصحابُه على نحوِ ما تكلَّم أصحابُ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ ذي اليدين، فقال ابنُ القاسم: يفعلُ كما فعَل النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ ذِي اليدَين، ولا يُخالفُه في شيءٍ من ذلك؛ لأنَّها سُنةٌ سنَّها.

زادَ العُتْبِيُّ (٣) في هذه عن عيسى، عنِ ابنِ القاسم: ولْيرجعِ الإمامُ فيما شكَّ فيه إليهم ويُتِمَّ معهم، ويُجزِئُهم.

قال عيسى: قال ابنُ القاسم: ولو أنَّ إمامًا قامَ من رابعةٍ، أو جلَس في ثالثةٍ، فسُبِّحَ به فلم يَفْقَهْ، فكلَّمَه رجلٌ ممن خلفَه - كان مُحسِنًا، وأجْزَتْه صلاتُه.

قال عيسَى: وقال ابنُ كِنانةَ: لا يجوزُ لأحدٍ من الناسِ اليومَ ما جازَ لمن كان يومَئذٍ مع النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنَّ ذا اليدَين ظنَّ أنَّ الصلاةَ قد قَصُرَتْ، فاستفْهَمَ عن ذلك، وقد علِمَ الناسُ اليومَ أنَّ قَصْرَها لا يَنزلُ؛ فعلى من تكلَّم الإعادةُ. قال عيسى: فقرأتُه على ابنِ القاسم، فقال: ما أرَى في هذا حُجةً، وقد قال لهم رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كلُّ ذلكَ لم يكنْ؟ ". فقالوا له: بلَى. فقد كلَّمُوه عمدًا، بعدَ علمِهم أنَّها لم تُقْصَر وبنَوا معه.


(١) ١/ ٢١٨.
(٢) يعني عيسى بن دينار بن واقد الغافقيّ، وينظر: التاج والإكليل لمختصر خليل لمحمد بن يوسف العبدريّ ٢/ ٣٢٨.
(٣) هو محمد بن أحمد بن عبد العزيز العُتْبيّ القرطبي، مصنِّف العُتبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>