للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُوِيَ عن إبراهيمَ النَّخَعيِّ، وعُروةَ بن الزُّبيرِ، وطاوُوسٍ: أنَّ الجُنُبَ في رمضانَ إذا علِمَ بجَنابتِهِ، فلم يَغْتسِل حتّى يُصبِحَ، فهُو مُفطِرٌ، وإن لم يَعلَمْ حتّى يُصبِحَ، فهُو صائمٌ (١).

ورُوي مِثلُ ذلك عن أبي هريرةَ أيضًا، والمشهُورُ عن أبي هريرةَ، أنَّهُ قال: لا صومَ لهُ، علِمَ أو لم يَعلَمْ. إلّا أنَّهُ قد روينا عنهُ من طُرُقٍ صِحاح: أنَّهُ رجَعَ عن ذلك، فاللَّه أعلمُ.

ورُوي عنِ الحَسَنِ البصريِّ، وسالم بن عبدِ اللَّه بن عُمرَ، أنَّهُما قالا: يُتِمُّ صيامَ يومِهِ ذلك، ويَقْضيهِ إذا أصبَحَ فيه جُنُبًا.

وقال إبراهيمُ النَّخَعيُّ، في رِوايةٍ غيرِ الرِّوايةِ الأُولى عنهُ: إنَّ ذلك يُجزئهِ في التَّطوُّع، ويقضي في الفَرْضِ (٢).

وكان الحسنُ بن حيٍّ يَسْتحِبُّ إن أصبحَ جُنُبًا في رمضانَ، أن يَقْضيَ ذلك اليوم، وكان يقولُ: يَصُومُ الرَّجُلُ تَطوُّعًا، هان أصبَحَ جُنُبًا، ولا قَضاءَ عليه. وكان يَرى على الحائضِ إذا أدْرَكَها الصُّبحُ ولم تَغْتسِل: أن تَقضي ذلك اليوم.

وذهَبَ عبدُ الملكِ بن عبدِ العزيزِ بن الماجِشُونِ في الحائضِ نحوَ هذا المَذْهبِ، وذلك أنَّهُ قال: إذا طَهُرتِ الحائضُ قبلَ الفجرِ، فأخَّرت غُسْلَها حتّى طلَعَ الفجرُ، فيومُها يومُ فِطرٍ؛ لأنَّها في بعضِهِ غيرُ طاهِرٍ، وليسَتْ كالذي يُصبِحُ جُنُبًا فيصُومُ؛ لأنَّ الاحْتِلام لا ينقُضُ الصَّومَ، والحَيْضَ ينقُضهُ (٣).

قال أبو عُمر: قد ثبَتَ عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في الصّائم يُصبِحُ جُنُبًا- ما فيه شِفاءٌ وغِنًى واكتِفاءٌ عن قولِ كلِّ قائلٍ، من حديثِ عائشةَ وغيرِها.


(١) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٧٤٠٥)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (٩٦٧٥)، والاعتبار للحازمي، ص ١٠٥.
(٢) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٩٦٧٢) وفيه عن إبراهيم والحسن.
(٣) انظر: الاستذكار ٣/ ٢٩٠ - ٢٩١، والكافي في فقه أهل المدينة، ص ١٢٣، وبداية المجتهد ٢/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>