للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فما حَمَلكَ على أن أخْرَجتَنا ونفسَكَ (١) من الجنّةِ؟ قال لهُ آدمُ: ومن أنتَ؟ قال: أنا موسى. قال: أنتَ نبِيُّ بني إسرائِيلَ، الذي كلَّمكَ اللَّهُ من وراءِ حِجابٍ، لم يجعَلْ بينَكَ وبينهُ رسُولًا من خلقِهِ؟ قال: نَعَمْ، قال: أما وَجَدتَ في كِتابِ اللَّه الذي أنْزَلَ عليكَ، أنَّ ذلك كان في كِتابِ اللَّه قبلَ أن أُخلَقَ؟ قال: نَعَمْ. قال: أفَتلُومُني في شيءٍ سبَقَ من اللَّه فيه القَضاءُ قَبلُ؟ " قال عِندَ ذلك رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فحجَّ آدمُ موسى، فحَجَّ آدمُ موسى (٢) " (٣).

في هذا الحديثِ من الفِقهِ: إثباتُ الحِجاج والمُناظَرةِ، وإباحَةُ ذلك إذا كان طَلبًا للحقِّ وظُهُورِهِ.

وقد أفْرَدنا لهذا المعنَى بابًا كامِلًا، أوضحناهُ فيه بالحُجّة والبُرهانِ، والبَسْطِ والبَيانِ، في كِتابِنا "كِتابِ العِلم" (٤)، فأغْنَى ذلك عن إعادتِهِ هاهُنا.

وفيه: إباحَةُ التَّقرِيرِ (٥)، والتَّعرِيضِ في معنى التَّوبِيخ في دَرْج الحِجاج، حتّى تقِرَّ الحُجَّةُ مقرَّها.

وفيه: دليلٌ على أنَّ من علِمَ وطالَعَ العُلُوم، فالحُجَّةُ لهُ ألزمُ، وتوبِيخُهُ على الغَفْلةِ أعظمُ.


(١) في د ٢: "ونسلك".
(٢) قوله: "فحجَّ آدمُ موسى". الأخيرة لم يرد في د ٢، م.
(٣) أخرجه ابن وهب في القدر (٣). ومن طريقه أخرجه أبو داود (٤٧٠٢)، والدارمي في الرد على الجهمية، ص ٧٥ - ٧٦، وابن أبي عاصم في السنة (١٣٧)، والفريابي في القدر (١١٧)، وأبو يعلى (٢٤٣)، وابن خزيمة في التوحيد (٢٠٥)، والآجري في الشريعة (١٨٥، ٣٢٥، ٦٨٢)، وابن مندة في الرد على الجهمية (٣٨)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (٥٥١). وانظر: المسند الجامع ١٣/ ٤٩٠ - ٤٩١ (١٠٤٤٤).
(٤) جامع بيان العلم وفضله، ص ٣٥٩.
(٥) في ي ١: "التقدير".

<<  <  ج: ص:  >  >>