للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزَّ وجلَّ: {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [الفجر: ١٦]. أي: ضيَّقَ عليه في رِزقِهِ. وقولُهُ: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: ٧] أي: ضُيِّق عليه في رِزقِهِ.

وقال ثعلبٌ، في قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا} [الأنبياء: ٨٧] قال: مُغاضِبًا للملِكِ.

قال أبو عُمر: قد قيلَ ما قال ثعلبٌ، وقيل: إنَّهُ خرجَ مُغاضِبًا لنبيٍّ كان في زَمانِهِ.

وهذانِ القولانِ للمُتأخِّرِين، وأمّا المُتقدِّمُونَ، فإنَّهُم قالوا: خرَجَ مُغاضِبًا لربِّهِ. رُوِي ذلك عنِ ابنِ مسعُودٍ، والشَّعبِيِّ، والحَسَنِ البَصرِيِّ، وغيرِهِم (١).

ولولا خُرُوجُنا عمّا لهُ قَصَدْنا، لذكَرْنا خَبرَهُ وقِصَّتَهُ هاهُنا.

وأمّا جَهلُ هذا الرَّجُلِ المذكُورِ في هذا الحديثِ، بصِفةٍ من صِفاتِ اللَّه في عِلْمِهِ وقَدَرِهِ، فليس ذلك بمُخرِجِهِ من الإيمانِ، ألا تَرَى أنَّ عُمر بن الخطّابِ (٢)، وعِمران بن حُصين (٣)، وجَماعةً من الصَّحابةِ، سَألوا رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عنِ القَدرِ، ومعلُومٌ أنَّهُم إنَّما سألُوهُ عن ذلك وهُم جاهِلُونَ به، وغيرُ جائزٍ عِندَ أحدٍ من المُسلِمِينَ أن يكونوا بسُؤالِهِم عن ذلك كافِرِين، أو يكونوا في حِينِ سُؤالِهِم عنهُ غيرَ مُؤمِنين.

حدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا مُضرُ بن محمدٍ، قال: حدَّثنا شَيْبانُ بن فَرُّوخ، قال: حدَّثنا عبدُ الوارثِ، عن يزِيدَ


(١) انظر: تفسير الطبري ١٨/ ٥١٢ - ٥١٤.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٩/ ١٣٩ (٥١٤٠)، والترمذي (٢١٣٥)، وابن أبي عاصم في السنة (١٦٣، ١٦٤)، وقال الترمذي: حسن صحيح. وينظر تعليقنا على جامع الترمذي. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٧٩٩ (٨٢٤٣).
(٣) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>