للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رَوَى هذا الحديثَ عبدُ اللَّه بن الفَضْلِ الهاشِمِيُّ، شيخُ مالكٍ، عن أبي الزِّنادِ، عنِ الأعْرَج، عن أبي هريرةَ، عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كلُّ مولُودٍ يُولَدُ على الفِطْرةِ، فأبواهُ يُهوِّدانِهِ، ويُنصِّرانِهِ، ويُمَجِّسانِهِ، كالبهِيمةِ تُنتَجُ البَهِيمةَ، هل تُحِسُّونَ فيها من جَدعاءَ، حتّى تكونوا أنتُم تَجْدَعُونها" (١).

إلى هاهُنا انتهى حديثُهُ، ولم يذكُر ما في حديثِ مالكٍ، قولَهُ: أرأيتَ من يمُوتُ وهُو صغِيرٌ؟ إلى آخِرِ الحديثِ، وزاد فيه: "ويُمجِّسانِهِ".

وهكذا رِوايةُ ابنِ شِهابٍ لهذا الحديثِ، ليس فيها قولُهُ: أرأيتَ من يمُوتُ وهُو صغِيرٌ؟ قال: "اللَّهُ أعلَمُ بما كانوا عامِلِينَ".

وعِندَ ابنِ شِهابٍ، عن عَطاءِ بنِ يزِيد، عن أبي هريرةَ، عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَنَّهُ سُئلَ عن أولادِ المُشرِكِينَ، فقال: "اللَّهُ أعلَمُ بما كانوا عامِلِين". وسنذكُرُ حديث ابنِ شِهابٍ هذا، عن عطاءِ بنِ يزِيدَ، في بابٍ مُفردٍ (٢) من هذا الكِتابِ إن شاءَ اللَّه.

أمّا قولُهُ في حديثِ مالكٍ وغيرِهِ: "كلُّ مَولُودٍ يُولَدُ على الفِطْرةِ، فأبواهُ يُهوِّدانِهِ. . . " الحديثَ. فإنَّ أهلَ العِلم من أصحابِنا وغيرِهِمُ اخْتَلفُوا في معنَى قولِهِ: "كلُّ مولُودٍ".

فقالت طائفةٌ: ليس في قولِهِ: "كلُّ مولُودٍ" ما يقتفِي العُمُوم، قالوا: والمعنى في ذلك، أنَّ كلَّ من وُلِدَ على الفِطْرةِ، وكان لهُ أبوانِ على غيرِ الإسلام، هوَّداهُ، أو نصَّراهُ، أو مجَّساهُ.


(١) أخرجه الطبراني في مسند الشاميين ١/ ٨٦ (١١٩) من طريق عبد اللَّه بن الفضل، عن الأعرج، به مختصرًا.
(٢) سيأتي بإسناده لاحقًا، وتقدم تخريجه. وسيذكر المؤلف بإذن اللَّه، بإثر شرح هذا الحديث، بضعة أبواب متعلقة بأحكام أطفال المسلمين، وأطفال غيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>