للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وليس المعنى أنَّ جميعَ المولُودِين من بني آدمَ أجمعِينَ يُولَدُون على الفِطْرةِ، بلِ المعنَى أنَّ المولُودَ على الفِطْرةِ بينَ الأبوينِ الكافِرينِ يُكفِّرانِهِ، وكذلك من لم يُولَد على الفِطْرةِ، وكان أبواهُ مُؤمِنينِ، حُكِمَ لهُ بحُكمِهِما في صِغَرِهِ، إن كانا يهُودِيَّينِ، فهُو يهُودِيٌّ يرِثُهُما وَيَرِثانِهِ، وكذلك لو كانا نَصْرانِيَّينِ، أو مجُوسِيَّينِ، حتّى يُعبِّر عنهُ لسانُهُ، ويبلُغ الحِنثَ، فيكونَ لهُ حُكمُ نَفسِهِ حِينئذٍ، لا حُكمَ أبوَيهِ.

واحتجَّ قائلو هذه المقالةِ بحديثِ أبي إسحاق، عن سَعِيدِ بنِ جُبيرٍ، عنِ ابنِ عبّاسٍ، عن أُبيِّ بنِ كَعْبٍ، عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الغُلامُ الذي قَتَلهُ الخَضِرُ، طَبَعهُ اللَّهُ يومَ طَبَعهُ كافِرًا" (١).

وبقولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألا إنَّ بني آدمَ خُلِقُوا طَبَقاتٍ، فمنهُم من يُولَدُ مُؤمِنًا، ويحيا مُؤمِنًا، ويمُوتُ مُؤمِنًا، ومنهُم من يُولدُ كافِرًا، ويحيا كافِرًا، ويمُوتُ كافِرًا، ومنهُم من يُولدُ مُؤمِنًا، ويحيا مُؤمِنًا، ويمُوتُ كافِرًا، ومنهُم من يُولدُ كافِرًا ويحيا كافِرًا ويمُوتُ مُؤمِنًا".

وهذا الحديثُ حدَّثناهُ خلفُ بن القاسم قِراءَةً مِنِّي عليه، أنَّ أحمدَ بن محمدِ بنِ أبي الموتِ (٢) المكِّيَّ حدَّثهُم، قال: حدَّثنا محمدُ بن عليِّ بنِ زيدٍ (٣) الصّائغُ، قال: حدَّثنا سعِيدُ بن مَنصُورٍ، قال: حدَّثنا حمّادُ بن زيدٍ، قال: حدَّثنا عليُّ بن زيدٍ،


(١) سيأتي بإسناده لاحقًا، وانظر تخريجه في موضعه.
(٢) في د ٢: "أبي الحارث"، خطأ. وهو أبو بكر، أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الموت المكي. انظر: سير أعلام النبلاء ١٦/ ٢٥.
(٣) في د ٢: "يزيد"، خطأ. وهو أبو عبد اللَّه، محمد بن علي بن زيد المكي، الصائغ. انظر: سير أعلام النبلاء ١٣/ ٤٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>