للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أبي نَضْرةَ، عن أبي سعِيدٍ الخُدرِيِّ، قال: صلَّى بنا رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- العصرَ بنهارٍ، ثُمَّ قامَ وخَطَبنا إلى مَغرِبِ الشَّمسِ، فلم يَدَعْ شيئًا يكونُ إلى قِيام السّاعةِ، إلّا أخبرَ به، حَفِظهُ من حَفِظهُ، ونسِيهُ من نسِيهُ، وكان فيما حَفِظْنا أنْ قال: "ألا إنَّ الدُّنيا خَضِرةٌ حُلوةٌ، وإنَّ اللَّهَ مُسْتخلِفُكُم فيها، فناظِرٌ كيفَ تَعملُونَ، ألا فاتَّقُوا الدُّنيا، واتَّقُوا النِّساءَ". وكان فيما حَفِظنا، أنْ قال: "ألا لا يَمْنعنَّ رجُلًا هَيْبةُ النّاسِ أن يقولَ الحقَّ إذا عَلِمهُ". فبَكَى أبو سعِيدٍ وقال: قد واللَّه رأينا فهِبنا، وكان فيما حَفِظْنا أن قال: "ألا إنَّ لكلِّ غادِرٍ لواءً يومَ القِيامةِ بقدرِ غَدرتهِ، ولا غدرَ أعظمُ من غَدرِ إمام عامَّةٍ". وكان فيما حَفِظنا أن قال: "ألا إنَّ بني آدمَ خُلِقُوا طَبَقاتٍ شتَّى، منهُم من يُولَدُ مُؤمِنًا، ويحيا مُؤمِنًا، ويمُوتُ مُؤمِنًا، ومنهُم من يُولَدُ كافِرًا، ويحيا كافِرًا، ويمُوتُ كافِرًا، ومنهُم من يُولَدُ كافِرًا، ويحيا كافِرًا، ويمُوتُ مُؤمِنًا، ومنهُم من يُولَدُ مُؤمِنًا، ويحيا مُؤمِنًا، ويمُوتُ كافِرًا، ومنهُم حسَنُ القَضاءِ، حَسَنُ الطَّلبِ". وذكرَ تمام الحديثِ (١).

قالوا: ففي هذا الحديثِ، معَ الحديثِ في غُلام الخَضرِ، ما يَدُلُّ على أنَّ قولَهُ: "كلُّ مولُودٍ" ليس على العُمُوم، وأنَّ المعنى فيه: أنَّ كلَّ مولُودٍ يُولدُ على الفِطْرةِ، وأبواهُ يهودِيّانِ، أو نصرانِيّانِ، فإنَّهُما يُهوِّدانِهِ، أو يُنصِّرانِهِ (٢)، ثُمَّ يصِيرُ عِندَ بُلُوغِهِ إلى ما يُحكَمُ به عليه.


(١) أخرجه الترمذي (٢١٩١)، والبغوي في شرح السنة (٤٠٣٩) من طريق حماد بن زيد، به. وأخرجه الطيالسي (٢٢٧٠)، وأحمد في مسنده ١٧/ ٢٢٧، و ١٨/ ١٣١ (١١١٤٣، ١١٥٨٧)، وعبد بن حميد (٨٦٤)، وأبو يعلى (١١٠١)، والحاكم في المستدرك ٤/ ٥٠٥، والبيهقي في شعب الإيمان (٨٢٨٩) من طريق علي بن زيد، به. وانظر: المسند الجامع ٦/ ٤٩٩ - ٥٠٠ (٤٦٨٣). وإسناده ضعيف، لضعف علي بن زيد بن جُدعان، ولذلك قال الترمذي: هذا حديث حسن.
(٢) زاد هنا في م: "أي: يحكم له بحكمهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>