للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وتصدِيقُ ذلك، قولُهُ: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: ٨٣]. قالوا: وكذلك قولُهُ: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: ٢٩ - ٣٠].

قال المروزِيُّ: وسمِعتُ إسحاقَ بن إبراهيمَ، يعني: ابن راهوية، يذهَبُ إلى هذا المعنى، واحتجَّ بقولِ أبي هريرةَ: اقرؤُوا إن شِئتُم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠]، قال إسحاقُ: يقولُ: لا تبدِيلَ لخِلقتِهِ التي جُبِلَ عليها ولدُ آدم كلُّهُم، يعني: من الكُفرِ والإيمانِ، والمعرِفةِ والإنكارِ. واحتجَّ إسحاقُ أيضًا بقولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآيةَ.

قال إسحاقُ: أجمعَ أهلُ العِلم أنَّها الأرواحُ (١) قبلَ الأجسادِ، اسْتَنطَقهُم وأشْهَدهُم على أنفُسِهِم {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}، فقال: انظُرُوا ألّا تقُولوا: {إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} [الأعراف: ١٧٢ - ١٧٣].

قال أبو عُمر: من أحسنِ ما رُوِي في تأوِيلِ قولِهِ عزَّ وجلَّ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (٢) الآيةَ: ما حدَّثناهُ محمدُ بن عبدِ الملكِ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بن مسرُورٍ، قال: حدَّثنا عيسى بن مِسكِينٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عبدِ اللَّه بنِ سَنْجَر، قال: حدَّثنا عَمرُو بن حمّادٍ، قال: حدَّثنا أسباطُ بن نصرٍ الهمدانيُّ، عنِ السُّديِّ (٣)، عن أصحابه، قال عَمرو: أصحابُهُ: أبو مالكٍ. وعن أبي صالح، عنِ ابنِ عبّاسٍ. وعن مُرَّةَ الهمدانيِّ، عنِ ابنِ مسعُودٍ. وعن ناسٍ من أصحابِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-،


(١) زاد هنا في د ٢: "من".
(٢) تقدم التعليق على هذه القراءة.
(٣) في الأصل، م: "السري"، محرّف. وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة، أبو محمد السدي. انظر: تهذيب الكمال ٣/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>